اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف الجزء : 1 صفحة : 174
الحقبة في هذه الأبيات، ولكن يلاحظ أن وضع هذه الأبيات في المعلقة وضع قلق، إذ إنها حديث شاب "أرستقراطي" عن اللهو والنساء والصيد فليس من المعقول أن يتحدث في أثناء هذا عن حملة قربة الماء وفقره وتشرده، وقد رجحنا منذ قليل أن هذه الأبيات قطعة من لامية لتأبط شرا لم تصل إلينا، وقلنا إنه من الممكن أن تتألف من تلك الأبيات الكثيرة الواردة له في لسان العرب من وزن واحد وعلى قافية واحدة.
وصورة أخرى من هذا "الشك الخارجي" نراها حين تتهم بعض نصوص شعر الصعاليك بأنها قد صنعت وحملت عليهم، فمثلا يقول أبو عمرو تعليقا على القصيدة القافية المنسوبة إلى قيس بن الحدادية في مدح أسد بن كرز: "وهذه الأبيات من رواية أصحابنا الكوفيين، وغيرهم يزعم أنها مصنوعة، صنعها حماد الراوية لخالد القسري في أيام ولايته وأنشده إياها، فوصله، والتوليد بين فيها جدا"[1]، ويذكر أبو الفرج بعد أن روى القصيدة البائية المنسوبة إلى قيس الحدادية أيضا التي يفتخر فيها بقومه، ويعيِّر عامر بن الظرب بفراره: "هذه القصيدة مصنوعة والشعر بيِّن التوليد"[2].
ولعل أشهر ما تعرض لهذا الشك من شعر الصعاليك لاميتان: إحداهما تنسب إلى الشنفرى، وهي المعروفة بلامية العرب، ومطلعها:
أقيموا بني أمي صدور مطيكم ... فإني إلى قوم سواكم لأميل
والأخرى اختلف القدماء في نسبتها اختلافا شديدا، ومطلعها:
إن بالشعب الذي دون سلع ... لقتيلا دمه ما يطل
وكلتا اللاميتين اتهم بصنعهما خلف الأحمر[3].
والقدماء يصفون خلفا بأنه "كان من أمرس الناس لبيت شعر"4، [1] الأغاني 13/ 5 "بولاق". [2] المصدر السابق/ 4. [3] ابن عبد ربه: العقد الفريد 5/ 307، وابن قتيبة: الشعر والشعراء/ 497، والجاحظ: الحيوان 1/ 182، والقالي: الأمالي 1/ 156.
4 ابن النديم: الفهرست/ 50.
اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف الجزء : 1 صفحة : 174