اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف الجزء : 1 صفحة : 115
السليك بأن رأسه قد شاب مما تقاسيه خالاته من ضيم وهون ومذلة يعجز لفقره عن إنقاذهن منها[1]، وهو يذكر هذا في مجال دفاعه عن تصعلكه وفخره به، مما يشعر بأن هذه "العصبية النسائية" كانت من الأسباب الفعالة في هذا التصعلك. وتتحدث أم تأبط شرا عن ابنها حديث المعجبة به، فقد حكى عنها أنها قالت فيه: "إنه والله شيطان، ما رأيته قط مستثقلا ولا ضحكا، ولا هم بشيء مذ كان صبيا إلا فعله"[2]، وتتحدث عنه مرة أخرى حديثا تبين فيه كيف حملت به، وكيف وضعته، ومدى اهتمامها بتنشئته منذ طفولته الأولى تنشئة قوية[3].
ومن هنا أيضا كثر رثاء قريبات هؤلاء الأغربة لهم، وحديثهن عن حزنهن عليهم، فقد رثت السليكة ابنها السليك بأبيات رائعة تفيض حزنا وتفجعا، تصور فيها مصابها الشديد فيه، وحسرتها البالغة عليه[4]، ورثت أم تأبط شرا ابنها بقطعتين مسجعتين لعلهما تمثلان مرحلة من مراحل أولية الشعر العربي، لم تنس فيهما أن تصور بطولته وشجاعته[5]، وكذلك فعلت أخته ريطة [1] المبرد: الكامل/ 299، والبغدادي: خزانة الأدب 3/ 286، ويقول المبرد "وإنما توجع لخالاته لأنهن كن إماء" "2/ 299"، وانظر الأبيات كلها وشرحها في الكامل 2/ 298 وما بعدها. [2] التبريزي: شرح حماسة أبي تمام 1/ 43. [3] المبرد: الكامل/ 79، والجاحظ: الحيوان 1/ 286، ولسان العرب، وتاج العروس، مادة "وضع"، مع بعض الخلاف اللفظي، وزيادات في العبارات في بعض المصادر، لعلها من صنع الرواة، رغبة منهم في إطالة هذه السجعات، ولعل أصح هذه الروايات رواية الكامل ورواية الحيوان. [4] التبريزي: شرح حماسة أبي تمام 2/ 191، 192، وأسامة بن منقذ: لباب الآداب/ 183، ويقال إنها لأم تأبط شرا "المعري: شرح حماسة أبي تمام - مخطوطة بدار الكتب - ورقة رقم 5، وانظر أيضا شرح التبريزي 4/ 186 و187"، ولكن التبريزي يرجح أنها لأم السليك "ص192"، وتُروى في العقد الفريد "3/ 261، 427" الأعرابي مجهول في قصة واحدة في الموضعين، ولكن يلاحظ أن القصة لا تتفق مع الأبيات، وبخاصة البيت الثالث "ص261" فليس هناك محل لهذا التساؤل في البيت ما دامت القصة تذكر أن أفعى لدغت ابن هذا الأعرابي فمات. [5] لسان العرب، المواد "قرب - هوف - هيف".
اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف الجزء : 1 صفحة : 115