558* ومن المشهور عنه أنّه قيل له حين حضرته الوفاة: أوص يا أبا مليكة، فقال: مالى للذكور (من ولدى) دون الإناث، فقالوا: إنّ الله لم يأمر بهذا، فقال: لكنّى آمر به! ثم قال: ويل للشّعر من الرّواة السّوء، وقيل له:
أوص للمساكين بشىء، فقال: أوصيهم بالمسألة ما عاشوا، فإنّها تجارة لن تبور! وقيل له: أعتق عبدك يسارا، فقال: اشهدوا أنه ما بقى (عبسىّ) ! وقيل له: فلان اليتيم ما توصى له (بشىء) ؟ فقال أوصى بأن تأكلوا ماله وتنيكوا أمّه! قالوا: فليس إلّا هذا؟! قال: احملونى على حمار، فإنّه لم يمت عليه كريم، لعّلى أنجو! ثم تمثّل:
لكلّ جديد لذّة غير أنّنى ... رأيت جديد الموت غير لذيذ [1]
(له خبطة فى الخلق ليست بسكّر ... ولا طعم راح يشتهى ونبيذ)
559* ومات مكانه.
وكان هجا أمّه وأباه ونفسه، فقال فى أمّه:
تنحّى فاقعدى منّى بعيدا ... أراح الله منك العالمينا
ألم أوضح لك البغضاء منى ... ولكن لا إخالك تعقلينا
أغربالا إذا استودعت سرّا ... وكانونا على المتحدّثينا [2]
جزاك الله شرّا من عجوز ... ولقّاك العقوق من البنينا [3]
(حياتك ما علمت حياة سوء ... وموتك قد يسرّ الصّالحينا)
[1] فى الأغانى 2: 57 أنهم لما ألحوا عليه فى الإيصاء مما ينفعه قال: «أبلغوا أهل ضابئ أنه شاعر حيث يقول» فذكر هذا البيت، يريد ضابئ بن الحرث البرجمى وكذلك فى الخزانة 1: 411.
[2] الكانون: الثقيل الذى يجلس حتى يتحصى الأخبار والأحاديث لينقلها. والبيت فى اللسان 17 243.
[3] القصيدة مذكورة فى الأغانى 2: 43 عدا هذا البيت، فإنه ذكر فيه مطلع قصيدة أخرى أربعة أبيات مكسورة النون، والبيت فى ديوانه فى القصيدتين 61 وهو فى اللسان 17:
18 مكسور النون مع آخر.