وغيرهما من العلوم الشرعية هو الغالب عليه فلا يضر حفظ اليسير من الشعر مع هذا لأن جوفه ليس ممتلئا شعرا وقال العلماء كافة هو مباح ما لم يكن فيه فحش ونحوه. قالوا وهو كلام حسنه حسن وقبيحه قبيح وهذا هو الصواب فقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم الشعر واستنشده وأمر به حسان في هجاء المشركين وأنشده أصحابه بحضرته في الأسفار وغيرها وأنشده الخلفاء وأئمة الصحابة وفضلاء السلف ولم ينكره أحد منهم على إطلاقه وإنما أنكروا المذموم منه وهو الفحش ونحوه"[1].
وفي رواية لمسلم من طريق أبي سعيد الخدري قال: "بينا نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرج إذ عرض شاعر ينشد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذوا الشيطان أو أمسكوا الشيطان لأن يمتلئ ... " الحديث
والعرج: على نحو ثمانية وسبعين ميلا من المدينة.
قال النووي: "وأما تسميته هذا الرجل الذي سمعه ينشد شيطانا فلعله كان كافرا أو كان الشعر هو الغالب عليه أو كان شعره هذا من المذموم".
وبالجملة فتسميته شيطانا إنما هي قضية عين تتطرق إليها الاحتمالات المذكورة وغيرها ولا عموم لها فلا يحتج بها.
وقال المناوي: "وأما قول المصطفى صلى الله عليه وسلم للشاعر الذي عرض له بالعرج خذوا أو أمسكوا الشيطان فلعله علم من حاله أنه اتخذ الشعر حرفة فيفرط في المدح إذا أعطى وفي الذم إذا منع فيؤذي الناس في أموالهم وأعراضهم"[2].
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.. [1] شرح مسلم 15/14. [2] فيض القدير ج1_529.