responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الساق على الساق في ما هو الفارياق المؤلف : الشدياق    الجزء : 1  صفحة : 183
فتقول له وقد دُغدغت ولكن عروق الإنسان النابضة فيه ليست في يده وقلبه فقط بل هي في سائر أعضائه. فينبغي على هذا أن نجس كل عضو فينا لنعلم أيّنا أكثر حركة وانتفاضاً ونفضاناً ونبضا وإزاء ونَيْضاً وأُزوح وحبَضاً. إذ لا يصح الحكم على شيء إلا بعد الاستقراء والاستقصاء. فيقول لها وقد طرب وجداً وحبوراً نعم نعم نعم القول ما قلتِ. غير أنه لما كان الإنسان يجهل حاله وكان من طبعه أن يلاحظ في غيره ما لا يلاحظ في نفسه كان لابد من أن يكون هذا الاستقراء بالتخالف أي -فتبتره قائلة قد فهمت ما عنيت وهو معلوم بالبديهة ومستغن عن التفسير وهذا هو الذي قصت. فهامت يدك وخذ يدي. حتى إذا جالت الأيدي بالجتّ والجس. والمَثّ والمس. والنجث والنجش والبحث والمعش. والضبث واللمس. والطمث والملش. والفحث والفتش. والقبث والمتش. والمرث والمرش. والمغث والمعش. والنبث والنبش. والنقث والنكش. والنث والنتش. قالت وقد قوي حبضها ألا هيت لك. إلا هيت. فإن قولك على أي الحالين صدق. فيقول لها لبيك وسعديك لقد طالما شبحت يدي بالدعاء لأن أسمع هذه الدهوة المنعشة وهذه النعمة المطربة- أعلى هذا كان الفراق. أم من أجل هذا حسنت لي السفر بأن قلت لي ذات ليلة أني أرى بك يا رجل فتوراً. فلو سافرت إلى أرض طيبة الهواء لعاد نشاطك القديم. فعندنا إلى ذلك النعيم أفكانت هذه حيلة منك على تغيبي ليخلو لك الميدان فتمرحي فيه كيفما شئت وتتعاطى علم جس النبض وحركات الأعضاء. ألم يكن لي نبض كسائر الناس فتتعلمي به هذا العلم الجليل. أم تزعمين أنه ضعيف لا يصلح لأن يتعلم عليه. على أنه إن كان قد ضعف فإنما ضعف بسببك. وعهدي به من قبل ليلة عرسنا له ضربان وانتفاض وانتغاض. أفهكذا يفعل المتفارقون. وبمثل هذا يخون المترافقون. أيحل لك من الله أن تتنعمي الآن وأنا في حالة البؤس والشقاء. بطراً تجسين العروق وأنني عرق المجسة أن بي عُرَواء ألم يكفِ ما كنت أقاسيه معك في البيت حين كنت أغدو منه كادحاً وأرجع إليه رازحاً. وكانت همومك كلها عليَّ ولَوْمك كله متوجّهاً أليّ. فكنت أنصب لراحتك. وآرق لاجحاحتك وألغب لتشبعي. وأجهد لترتعي. وأبرد لتدفئي. وأقلق لتهدئي وأتهجَّد لتتهجدي. وأنحل لتمغدي. فقد تبين الآن أينا ذو أمانة ومداهنة وخيانة. وإذ كنت أقول لك أن الأمانة في النساء أقل منها في الرجال. فأن الرجل أبداً مشغول البال. مضعضع الأحوال. يليه عن اللذات كده ونجله. ويصرفه عن هواه رشده وعقله. والمرأة لا همّ لها إلاّ تشويق الرجال. وفتنتهم بها في كل حال. كنت تقولين لا بل المرأة أكثر حشمة وحياء. وأقل نهمة ورياء. وأميل طبعاً إلى التعفّف. وأبعد خلقاً عن التكلف. فإن جمعنا الدهر يوماً وأفضنا في حديث الوفاء. والمودة والصفاء حججتك بما لا تقدرين معه على الجواب. وأظهرت فضل الرجل على كل ذات نقاب. الخائنات الحانثات. المائنات الغادرات: فإن أبيت إلا الجحد والمكابرة. فالهراوة لديّ حاضرة. واليد للّطم واللّكم مبادرة. فإذا أمسكت بناصيتي أو جيبي. وأذعت بين الجيران عيبي، جعلت لك من الشجاب صلبياً أو من الذأط نصيباً ومتى خطر بباله ذلك هاج بع الغيظ كل هياج. وودّ لو يطير إلى بيته مع العجاج. فينقلب فرحه ترحاً وصفاؤه تكديراً. قال غير أن للحزن في مبادئه فائدة. وهي ذود شوارد الآمال المغررة والأماني المحالة إلى مراح البصيرة والرشد. بحيث يسكن البال عن الحوم على موارد المحال. ويستقر الحال على فطم النفس عن الاحتيال. وإلى هذا أشرت بقولي:
وربَّ حزنٍ القلب عن سفه ... كما يصون إناءَ واهياً صدأه
وما انقضى عن لذاذات الهوى عجلا ... سيّان غايته عندي ومبتدأه

اسم الکتاب : الساق على الساق في ما هو الفارياق المؤلف : الشدياق    الجزء : 1  صفحة : 183
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست