responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الساق على الساق في ما هو الفارياق المؤلف : الشدياق    الجزء : 1  صفحة : 182
وإني أشهد الله عليّ وهو خير الشاهدين. وملائكته المقرّبين. وأنبياءه ورسله المكرمين. إنك إذا عاشرتني العمر كله فلن ترى عيني بشراً أحسن منك. فتقول له هذا شأن الرجال دائماً من إنهم يتملقون المرأة ليفتنوها ويخدعوها. فمرة يقولون لها تبارك الخلاق. ومرة افدي الغزال الشارد. ومرة يا سعد من كنت له. أو طوبى لمن رأى طيفك في المنام. وتارة ينظرون إليها وقد غرغرت أعينهم بالدمع. وتارة يزفرون وينحبون. كل ذلك حتى يتمكنوا منها مرة أو مرتين ثم هم من بعد ذلك عنها معرضون. وبسَّرها بائحون. فنحن منكم على حذر. ولا يخفي علينا ما بطن منكم وما ظهر. فيقول لها معاذ الله. حاشى لله. استغفر الله. ما شأني شأن المتملقين الملاذّين. ولا طبعي طبع الفاسقين. بل أن لساني في هواك ليقصر عنبيان ما تجنه سرائري. وما يخطر بخاطري. فيا ليتني اعرف لغة اعبّر بها عن فرط وجدي بك وتوقاني إليك. ولو اطّلعت على ضميري لصدّقتني وعلمت إني لست كأحد الناس وإن غرامي فوق كل غرام. فأطيلي عشرتي ولو بدون وصال ليتأكد لك صحة ما أقول. فتقول له وقد فتحت لهاتها وزال ضَرَسها. وما الفائدة في ذلك فإن المرأة ليست نجماً يرصد طلوعه وغروبه. ولا برقاً يشام ليعلم هل هو خلّب أو ماطر. ولا أحجية يحاول فكّها وإيشاؤها. وما يهمّها أن تكون أجمل من سائر النساء وجهاً وإنما يهمّها أن تكون أشوق للرجال وأفتن. فإن التشويق لا يتوقف على الجمال قدر ما يتوقف على حسن الشمائل والمحاضرة والملاطفة والمؤانسة والغنج والدلال والافترار والحدقلة والترنجح والغرنقة والوكوكة والترأد. فيقول لها نعم سبحان من جمع جميع هذه الأوصاف الحميدة فكل ما فيك شائق وكل ما في مشوق. فتقول له وقد أزدهر وجهها سروراً وإعجاباً. قد يقال أن نبض العاشق يكون مضطرباً فدعني أجسَ نبضك لأعلم هل ما قلته صدق أو لا فيقول لها نعم نعم خذي يدي فجسيّها وأجعل يدك واجعلي يدك الأخرى على قلبي. فتفعل ذلك. فيقول دعيني إذا أفعل بك كما فعلت بي لتنكشف هذه الحقيقة لكل منا. فتهجث وتحمر عند سماعها قوله أفعل بك ويضطرب نبضها ثم تسكن وتمد له يدها. فيجسها بإحدى يديه ثم يضع الثانية على قلبها ثم يرفعها قليلاً وقد حملاقه وأندلع لسانه. ثم يزفر زفرة طويلة ويقول:
لك الله من قرموطة ملأت يدي ... لقابضها قبض على كُرة الأرض
لا سجمها إنسان مقلتي الفدا ... وكل عزيزٍ من متاع ومن عرْض

اسم الکتاب : الساق على الساق في ما هو الفارياق المؤلف : الشدياق    الجزء : 1  صفحة : 182
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست