اسم الکتاب : الرسائل المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 197
فكيف صار قلّةُ العقل هو سبب سخاء الزِّنج، وقد أقررتم لهم بالسِّخاء ثم ادَّعيتم ما لا يُعرف. وقد وقفناكم على إدحاض حجتكم في ذلك بالقياس الصحيح.
وهذا القول يوجب أن يكون الجبان أعقل من الشُّجاع، والغادر أعقل من الوفى. وينبغى أن يكون الجزوع أعقل من الصَّبور. فهذا ما لا حجة فيه لكم، بل ذلك هبةٌ في الناس منالله. والعقلهبةٌ، وحسن الخلق هبة، والسَّخاء والشجاعة كذلك.
وقد قالت الزِّنج للعرب: من جهلكم أنَّكم رأيتمونا لكم أكفاءً في الجاهلية في نسائكم، فلمَّا جاء عدل الإسلام رأيتم ذلك فاسداً، وما بنا الرغبة عنكم. مع أن البادية منا ملأى ممن قد تزوَّج ورأس وساد، ومنع الذِّمار، وكنفكم من العدوّ.
قال: وقد ضربتم بنا الأمثال وعظَّمتم أمر ملوكنا، وقدَّمتموهم في كثيرٍ من المواضع على ملوككم. ولو لم تروا الفضل لنا في ذلك عليكم لما فعلتم.
وقال النَّمْر بن تولب:
أتى ملكه ما أتى تُبّعاً ... وأبرهة الملك الأعظما
فرفعه على ملوك قومه.
اسم الکتاب : الرسائل المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 197