اسم الکتاب : الرسائل الأدبية المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 475
السكينة التي كانت في التابوت، فقد اختلف المفسرون فيها وزعموا أنها كانت رأس هر. وما سعسف ياسينية، وما الفتل، وما التوجيه؟ وخبرني: ما تأويل الزّمزمة، وما فعل المال الذي من أخذ منه ندم ومن لم يأخذ منه ندم.
وخبرني عن قول الخليل في الوهم القديم؟
[29- اسئلة على التذكر والنسيان]
وخبرني جعلت فداك عن قولك في الشعر الذي ننشده في المنام مما لم نسمع بأجود منه في اليقظة، وعن الشعر الذي نخترعه عن مناقلة الكلام وموازنة الأمور وحال النوم، وحال الآفة والنقص وصاحبه مغمور أم شبيه بالمغمور ولا يجري عليه قلم ولا يلام ولا يشكر، ولم صرنا نتذكر الشيء المهم فلا نقدر عليه حتى ندعه فأيسنا منه أجمع ما نكون أنفسا وأحسن ما نكون تذكرا، ثم يعارضنا ويخطر على بالنا في حال سهر أو في حال نوم وأغنى ما نكون عنه وأقل ما نكون احتفالا به، ولم صرنا ننسى من القصيدة بيتا أو آية من جميع السورة أو كلمة من جميع كلام الخطبة، ولم صار البلغم بالباء أولى منه بالتاء، ولم كانت المرّة السوداء بالجيم أولى منها بالحاء، وكذلك القلب المانع من الحفظ. وهل بد للحقيقة من خصائص أسباب وأعيان علل؟ وإلا فقد يجوز أن تنسى هذه القصيدة بدل تلك، ولم صار بعض الناس أحفظ للنسب وبعضهم أحفظ للاسناد، وبعضهم أحفظ للمعاني، وبعضهم أحفظ للالفاظ. ولم صرنا لا ننسى السباحة وبالاكتساب عرفناها والعادة أن المكتسب قد ينسى ويجهل، وأن الضروريات لا تجهل. وقل لي لم لم تضرب السامري، ولم لم تعض ماني وتمضه، ولم لم تبزق في وجه فرعون. أم إن الطبيعة التي هيبتك من هشام بن خلف بن قواله الكناني حين قال على رأس النعمان وأنت رجل يمان هي التي منعتك من أن تبزق في وجه
اسم الکتاب : الرسائل الأدبية المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 475