responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرسائل الأدبية المؤلف : الجاحظ    الجزء : 1  صفحة : 108
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل: «وهل يكبّ الناس على مناخرهم في النّار إلّا حصائد ألسنتهم» .
وقال عيسى عليه السلام: «أعمال البّر ثلاثة: المنطق، والنظر، والصّمت. فمن كان منطقه في غير ذكر الله فقد لغا، ومن كان نظره في غير اعتبار فقد سها، ومن كان صمته في غير تفكّر فقد لها» .
فانظر بأيّ الأمرين قطعت عمرك؟ أبا لحكمة أم باللّغو؟ وانظر كيف وصف الله تعالى من أثنى عليه بخير من عباده فقال: وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ
، وقال: وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ
، وقال: وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً
. وصان عنه أسماع أهل الجنّة وألسنتهم فقال:
لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً. إِلَّا قِيلًا سَلاماً سَلاماً.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «العبادة عشرة أجزاء، تسعة منها في الصّمت» .
وقال علي بن أبي طالب: «أفضل العبادة الصبر وانتظار الفرج» .
وقال بعض الحكماء: لو لم يكن للصّامت في صمته إلّا الكفاية لأن يتكلّم بكلام ويحكى عنه محرّفا فيضطرّ الى ان يقول: ليس هكذا قلت، إنّما قلت كذا وكذا. فيكون إنكاره إقرارا، واعترافه بما حكى عنه شاهدا لمن وشى به، وادّعاء لتحريف غير مقبول منه إلّا أن يأتي ببيّنة له- لكان ذلك من أكثر فضائل الصّمت.
وربّما ذكر رجل الله تبارك وتعالى، فكان ذلك الذّكر إثما له، لأنه قد يدخله في باب تفخيم الذنب الحقير والإغراء والتّحريض، فيسفك الدم الحرام، أو يعظّم الجرح الصغير. بل ربّما ضحك وتبسّم، فأغرى وحرّض، وأثم وأوبق. قال بعض الشعراء:

اسم الکتاب : الرسائل الأدبية المؤلف : الجاحظ    الجزء : 1  صفحة : 108
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست