responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 623
أول من قَالَ: " برح الخفاء " أَن رجلا من كِنْدَة يُقالُ لَهُ صدّاد بن أَسمَاء، وَأَسْمَاء أمُّه، وَهِي امْرَأَة من بني الْحَارِث بن كَعْب، وَكَانَت تَحت صدّاد امرأةٌ من قومه كنديةٌ وَامْرَأَة من بني الْحَارِث، وَكَانَ لَهُ من ابْنة عمّه أَرْبَعَة رجالٍ وَلم يكن لَهُ من الحارثية ولد، فَوَقع على جَارِيَة سَوْدَاء فأحْبَلَها، فلمّا تبيَّن حملهَا خَافَ امْرَأَته، فأنكرَ ذَلِكَ فِي العلانيَّة وأقرَّ بِهِ فِي السِّرّ، وسمَّاه ثَعْلَبَة، وَأشْهد امْرَأَته الحارثيَّة وأخًا لَهُ أَن ثَعْلَبَة ابْنه. فلمّا مَاتَ صدّاد أخْبرت السَّوْدَاء ابْنهَا أَنَّهُ من صدّاد، فَخرج الْغُلَام حتَّى أَتَى ملكا من مُلُوك الْيمن، فَذكر لَهُ أمره وأتاهُ بِعَمِّهِ وَامْرَأَة أَبِيه فشهدا، فَقَالَت الكندية: إنّما شَهدا للعداوة، فَبعث الْملك إِلَى

سطيح الكاهن وخبأ لَهُ دِينَارا؟ ً بَين قدمه وَنَعله، فلمّا دخل إِلَيْهِ قَالَ: إِنِّي قد خبأتُ لكَ شَيْئا فَأَخْبرنِي بِهِ، فَقَالَ سطيح أحلفُ بِالْبَلَدِ المحرَّم، وَالْحجر الْأَصَم، وَاللَّيْل إِذا أظلم، وَالنَّهَار إِذا تَبَسم، وَبِكُل فصيحٍ وأعجم، لقد خَبأت دِينَارا بَين نعلٍ وَقدم؛ قَالَ: فَأَخْبرنِي مَعَ من هُوَ. قَالَ: أَحْلف بالشهر الْحَرَام، وَبِاللَّهِ مُحْيي الْعِظَام، وبِما خلق من النسام، إِنَّه لتَحْت قدم الْملك الْهُمَام؛ قَالَ: فَأَخْبرنِي بِم أرْسلت إِلَيْك، قَالَ: أرْسلت إليّ تَسْأَلنِي عَن ابْن السَّوْدَاء، وَمن أَبوهُ من الْآبَاء، وَقد بَرَح الخفاء، وَهُوَ أول من قَالَه، وَأَبوهُ صدّاد بن أَسمَاء، لَا شكّ فِيهِ ولامراء، فألحقه الْملك بِأَبِيهِ وَورثه. قَالَ الْملك: يَا سطيح أَلا تُخبرنِي عَن علمك هَذَا؟ قَالَ: إنّ علمي لَيْسَ منّي، وَلَا بجزمٍ وَلَا تَظَنِّي، وَلَكِن أخذتُه من أخٍ لي جنّي، قد سمع الْوَحْي بطور سَنّي. قَالَ الْملك: أَرَأَيْت أَخَاك هَذَا الجنّي، أهوَ مَعَك لَا يُفارقك؟ قَالَ: إِنَّه ليزول حَيْثُ أزول، وَلَا أنطقُ إلاّبما يَقُول، قَالَ لَهُ الْملك: فَهَل عنْدك من خبرٍ بِمَا يكون تخبرنا بِهِ؟ قَالَ: نعم، عِنْدِي خبرٌ طريف، شهركم هَذَا خريف، والقمرُ فِيهِ كسيف، وَيَأْتِي غَدا سحابٌ كثيفٌ، فَيمْلَأ البَرَّ والريف، فَكَانَ كَمَا قَالَ.
سطيح الكاهن
قَالَ القَاضِي: أَخْبَار سطيح كَثِيرَة، وَقد جمعهَا غيرُ واحدٍ من أهل الْعلم، وَكَذَلِكَ أَخْبَار غَيره من الْكُهَّان. وَالْمَشْهُور من أَمر سطيح أَنَّهُ كَانَ كَاهِنًا، وَقد أخبر عَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَن نَعْتِهِ ومبعثه بأخبارٍ كَثِيرَة، وَقد رُوِيَ أَنَّهُ عَاشَ سَبْعمِائة سنة وأدركَ الْإِسْلَام فَلم يُسْلِم، وَرُوِيَ أَنَّهُ هلك عِنْدَمَا وُلِدَ النبيُّ عَلَيْهِ السَّلام وَأخْبر بذلك ابْن أُخْته عبد الْمَسِيح بن حَيَّان بن بُقَيلة، وَقد أوفده إِلَيْهِ كسْرَى أنوشروان لارتياعه من أمورٍ ظَهرت عِنْد مولد النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأمره أَن يسْأَل خَاله سطيحًا عَنْهَا ويستعلم مِنْهُ تَأْوِيلهَا، وَذكر عبد الْمَسِيح أَنَّهُ أنبأه بذلك، ونعى إِلَيْهِ نَفسه ثُمَّ قضى مَكَانَهُ.
وَرُوِيَ لَنَا مِنْ بَعْضِ الطُّرُقِ باسنادٍ اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ أَنَّ النَّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ سَطِيحٍ فَقَالَ: نبيٌّ ضيَّعه قَوْمُهُ، وَهُوَ مشهورٌ عِنْد الْعَرَب يذكرُونَ سَجْعَهُ وكهانته، ويضربون الْمثل بِعِلْمِهِ وَصدقه فِيمَا يخبر بِهِ. وَقد قَالَ الْأَعْشَى يذكرُ زَرْقَاء الْيَمَامَة لَمَّا أخْبرت أهل الْيَمَامَة

اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 623
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست