responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 624
برؤيتها مَا رَأَتْ من مكانٍ بعيد لَمْ يُعلَم آدميُّ أدْرك مرئيًا من مثل مداه، فَلم يصدّقوها، فَأَتَاهُم الْعَدو الَّذِي أنذرتهم بِهِ فاستباحهم وَخرب دِيَارهمْ:
مَا نظرت ذَات أشفارٍ كنظرتِها ... حقًّا كَمَا صَدَقَ الذّئبيُّ إِذْ سجعا
قَالَت أرى رجلا فِي كفّه كتفٌ ... أَو يخصفُ النعلَ لهفي أَيَّة صنعا
فكذَّبوها بِما قَالَت فصبَّحهم ... ذُو آل حسَّان يُزجي الْمَوْت والشِّرعا
فاستنزلوا أهلَ جو من منازلِهم ... واستخفضوا شاخصَ الْبُنيان فاتضعا
قَوْله: " الذّئبي " يَعْنِي سطيحًا لِأَنَّهُ من ولد ذِئْب بن حجن، وبسطيحٍ الذئبي كَانَ يُعْرَف، وَقد قَالَ لَهُ عبد الْمَسِيح بن أُخْته حِين وَفد عَلَيْهِ من عِنْد كسْرَى:
بافاصل الخطَّة أعيَتْ مَنْ وَمَنْ
أتاكَ شيخُ الحيِّ من آل سَنَنْ
وأمّه من آلِ ذِئْب بن حَجَنْ
وَلكُل فصل مِمَّا ذكرنَا أَخْبَار وأنباء وقصص تَأتي فِي أماكنها، إِن شَاءَ الله.

الثِّيَابُ لَا تَرْفَعُ مَكَانَةَ لابِسِهَا
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكَوْكَبِيُّ، قَالَ حدَّثنا أَبُو سَعِيدٍ الْحَارِثِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا العتبيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخَلَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عبد الْملك على سالمٍ ثيابٌ غَلِيظَةٌ رَثَّةٌ، فَلَمْ يَزَلْ سُلَيْمَانُ يرحِّب بِهِ وَيَرْفَعُهُ حَتَّى أَقْعَدَهُ مَعَهُ عَلَى سَرِيرِهِ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي الْمَجْلِسِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ: أَمَا اسْتَطَاعَ خَالُكَ أَنْ يَلْبَسَ ثِيَابًا فَاخِرَةً أَحْسَنَ مِنْ هَذِهِ وَيَدْخُلَ فِيهَا عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ؟ وَعَلَى الْمُتَكَلِّمِ ثيابٌ سريَّةٌ لَهَا قِيمَةٌ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا رَأَيْتُ هَذِهِ الثِّيَابَ الَّتِي عَلَى خَالِي وَضَعَتْهُ فِي مَكَانِكَ هَذَا، وَلا رَأَيْتُ ثِيَابَكَ هَذِهِ رَفَعَتْكَ إِلَى مَكَانِ خَالِي ذَاكَ.
قَالَ القَاضِي: لقد أحسن عمر فِي جَوَابه، وأجادَ فِي الذبِّ عَن خَاله، وَقد أنشدنا ابْن دُرَيْد فِي خبر ذكرته فِي غير هَذَا الْموضع لبَعض الْأَعْرَاب:
يُغايظونا بقمصانٍ لَهُم جددٍ ... كأننا لَا نرى فِي السُّوق قمصانا
لَيْسَ القميصُ وَإِن جدَّدت رقعته ... بجاعلٍ رجلا إِلَّا كَمَا كَانَا
وأنشدنا أَيْضا لأعرابي قصد بَاب بعض الْمُلُوك فحجبه الآذان وَجعل يستأذنُ لغيره مِمَّن لَهُ بزَّة:
رأيتُ آذننا يستامُ بزّتنا ... وَلَيْسَ للحَسَبِ الزّاكي بمُستامِ
فَلَو دُعينا على الأحسابِ قدَّمنا ... مجدٌ تليدٌ وجدٌ راجحٌ نامِ
وَلَقَد أحسن الَّذي قَالَ:
قد يُدرك الشَّرف الْفَتى وإزارُهُ ... خلقٌ وجيبُ قَمِيصه مرقوع

اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج    الجزء : 1  صفحة : 624
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست