أعرابية قسرية عِنْد خَالِد الْقَسرِي
حَدثنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن دُرَيْد قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو حَاتِم قَالَ أَخْبَرَنَا الْأَصْمَعِي قَالَ: ذكرُوا أَن خَالِد بْن عَبد اللَّه الْقَسرِي لما أحكم جسر دجلة واستقام لَهُ نهر الْمُبَارك أفشى عطايا كَثِيرَة وَأذن للنَّاس إِذْنا عَاما، فَدخلت عَلَيْهِ أعرابية قسرية فأنشأت تَقول:
إِلَيْك يَا ابْن السَّادة الأماجد
يعمد فِي الْحَاجَات كل عامدٍ
فَالنَّاس بَين صادرٍ ووارد
مثل حجيج الْبَيْت نَحْو خَالِد
وَأَنت يَا خَالِد خير وَالِد
أَصبَحت عِنْد الله بالمحامد
مجدك قبل الشمخ الرواكد
لَيْسَ طريف الْمجد مثل التالد
قَالَ: فَقَالَ لَهَا خَالِد: حَاجَتك كائنة مَا كَانَت، فَقَالَت: أصلح الله الْأَمِير، أَنَاخَ علينا الدَّهْر بجرانه، وعضنا بأنيابه، فَمَا ترك لنا صافنا وَلَا ماهنا، فَكنت المنتجع وَإِلَيْك المفزع، قَالَ فَقَالَ لَهَا خَالِد: هَذِه حَاجَة لَك دُوننَا فَقَالَت: وَالله لَئِن كَانَ لي نَفعهَا إِن لَك لأجرها وَذُخْرهَا، مَعَ أَن أهل الْجُود لَو لم يَجدوا من يقبل الْعَطاء لم يوصفوا بالسخاء، قَالَ لَهَا خَالِد: أَحْسَنت فَهَل لَك من زوج؟ فَقَالَت: لَا، وَمَا كنت لأتزوج دعيًا، وَإِن كَانَ مُوسِرًا غَنِيا، وَمَا كنت أَشْتَرِي عاراُ يبْقى بمالٍ يفنى، وَإِنِّي بجزيل مَال الْأَمِير لغنية، قَالَ الْأَصْمَعِي: فَأمر لَهَا بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم.
شرح الْغَرِيب
قَالَ القَاضِي: أما قَوْلهَا فَمَا ترك لنا صافنًا وَلَا مَا هُنَا: الصَّافِن من الْخَيل فِيمَا ذكر أَبُو عُبَيْدَة الَّذِي يجمع بَين يَدَيْهِ وَبَين طرف سنبك إِحْدَى رجلَيْهِ، والسنبك مقدم الْحَافِر. قَالَ
اسم الکتاب : الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي المؤلف : ابن طرار، أبو الفرج الجزء : 1 صفحة : 594