غير سبيل المصحر وهو ابله جداً، لما يظهر منه في تعمُّله لستر شخصه وخفاء سره، ويرسل على بعد من الطريدة بعد أن يتشوّفها، ويتلطف لإرساله من غير قلق، فتراه يمر مثل عَناق الأرض رافعاً يداً وواضعاً أخرى، على وزن وقدرٍ متناسب، ما دامت الظباء ناكسة رؤوسها ترتعي، فإذا شالتها وخاف منها التنبه عليه أمسك على الصورة التي تنتهي به الحال إليها، لا يقدم ولا يؤخَّر، ولا يرفع الموضوعة ولا يضع المرفوعة فإذا طأطأت رؤوسها سلك سبيله الأولى، حتى تقول إنه في تلك الحال كحال القانص الذي وصفه رؤبة فقال:
فبات لو يمضغ شرياً ما بصقْ
وهذه المشية يقال لها الدألان والدأل والدألى يقال دأل له يدأل إذا مشى مشية الختل وأدى له يأدو له ودأيت أدأى وفي المثل والذئب يأدو الغزال ليأكله. وفي اللفظ الأول يقول الراجز:
اهدموا بيتك لا أبا لكا ... وزعموا أنه لا أخا لكا
وأنا أمشي الدألى حوالكا
وقال آخر:
أدَوتُ له لآكله ... وهيهات الفتى حَذِرُ
وقد قال المحدثون في طرد الفهد شيئاً كثيراً نحن نذكر ما استحسناه إلا صيد الدسيس، فما وصفه واصف على حق صفة سوى بعض الكتَّاب فقال:
قد أسبق الأخوان بالتغليسِ ... قبل غناء القَسّ والناقوسِ
والروض مثل حلة الطاوسِ ... والريح مثل نكهة الكؤوسِ
أو مثل ما أنثوه عن جليسي ... بطالعٍ مصحَّحٍ مَقيسِ