وسبيله أن يراح ريثما يخرج ذلك النفس، وتبرد تلك الغُلَّة، ويُشقّ له عن قلب الطريدة بعد تذكيتها، ويطعمه ويسقى ريه من الماء إن كان الزمان حاراً، ودون الري إن لم يكن الحر شديداً، ثم يُبتغى به طريدة أخرى، ولا يُكلَّف في يومه أكثر من خمسة اطلاق، وقد يصاد به في اليوم نحو عشرة اطلاق، وإن لم يُرَح لم يُفلح بعد ذلك. ومن طباعه الحياء وكثرة النوم والغضب. ولا يعلم أنه عاظل أنثى وهو في يد الأنس، وقد عني بمراعاة ذلك واجتُهد فيه فلم يُعرف منه، والأسد كثيراً يفعله.
وذكر بعض الفهادين العلماء بصيدها وطباعها، أنه يمسح الفهد والفهدة ويمر يده على جميع أعضائها فتسكن لذلك حتى تصيب يده موضع بعرها، فتقلق لذلك وتنعطف عليه لتعض يده. ونومه يضرب به المثل. قال بعض الشعراء يصف نومه:
فأما نومه في كل حين ... فعين الفهد لا تقضي كراها
وقال المكتفي ووصف يوم صيد بكثرة وحشه وضراءة فهوده:
فمضى يومنا بين فهود لا تشبع، وظباء لا تجزع. أخبر بذلك عنه أبو بكر محمد بن يحيى الصولي. وقال بعض الكتَّاب وعابة قوم بكثرة النوم ونُسِب إلى الإخلال بأعماله والتقصير في تنفيذ أموره:
رقدت مقلتي وقلبيَ يقظا ... نُ يجسّ الأمور جسّاً شديداً
يُحمَدُ النومُ في الجواد كما لا ... يمنع الفهد نومه أن يصيدا
وفي طباع الفهد مشاكلة لطباع الكلب حتى في ادوائه ودوائه، والنوم الذي يعتريه شبيه بنعاس الكلب. ومن قول الأعشى في صفة بخيل مماطل:
لاقى مطالا كنعاس الكلبِ
ورجع بنا القول إلى استتمام شرح الصيد بالدسيس وسبيله في صيده