responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البلاغة العربية المؤلف : الميداني، عبد الرحمن حبنكة    الجزء : 1  صفحة : 241
تصرُّف البليغ في استعمال أدوات النداء:
(1) قد يستعملُ البليغ أدوات النداء الّتي للقريب فينادي بها البعيد، لمعنىً يُريدُ الإِشارة إليه، كأن يُريدَ الإِشارَة إِلَى أنَّ هذا البعيد في جَسَده هو قريب إلى قبله ونفسه حاضر في تصوّره المستمر، وكأن يريد الإِشارة إلى أنّه لشدّة سمعه وانتباهه وسرعة استجابته، كأنّه قريب، فهو لا يحتاج أن ينادى بأدوات نداءِ البعيد.
(2) وقد يَسْتَعْمِلُ البليغ أدوات النداء الَّتي للبعيد فينادي بها القريب، لمعنى يُرِيدُ الإِشارة إليه، كأنْ يُرِيدَ أنّه رفيع المنزلة عالي المقام، فهو لارتفاع منزلته وبعد مقامه بمثابة البعيد إلى الأعلى في جسده، فاللاّئق به أنْ يُنَادَى بأدوات النداء التي للبعيد. وكأَنْ يريد أنَّه مُنْحَطُّ المنزلة جداً، فهو لانحطاط منزلته بمثابة البعيد إلى الأسفل في جسده، فاللاّئق به أن يُنَادى بأدَواتِ النّداءِ الّتي للبعيد. وكأن يُرِيدَ التعبيرَ عن حَالةِ تَلَهُّفِهِ وشدّةِ طلَبِه، فهو بمثابة المستغيث الذي يمدُّ صوته في النداء، فيستعمل أدوات النداء التي للبعيد لما فيها من مدِّ الصّوْت وَطُول النفس معه. وكأن يريد أنّ المنادَى غافل شارد الذهن أو غير مستعدٍّ للاستجابة فهو بمثابة البعيد.
(3) وقد يخرج النداء عن المعنى الأصليّ الموضوع له، فيُسْتَعْمَلُ لدى البلغاء وغيرهم في أغراضٍ أخْرى غير النداء، وهذه الأغراضُ تُفْهَمُ من قرائن الحال أو قرائن المقال، فكلُّ حَرَكَةٍ نفسيَّةٍ ذات مشاعِرَ تَدْفَعُ الإِنسان إلى التعبير عنها بنداء ما بطريقةٍ تلقائية، ولو لم يشعر بأنّ هذا النداء يحقق له مرجوّاً أو مؤمولاً أو يدفع عنه مكروها.
كأن يستعمل النداء في الزّجْر واللّوم، أو التحسّر والتأسّف والتّفجع والندم أو النُّدْبة، أو الإِغراء، أو الاستغاثة، أو اليأس وانقطاع الرجاء، أو التمني، أو التذكر وبث الأحزان، أو التضجر، أو الاختصاص، أو التعجب، إلى غير ذلك.

اسم الکتاب : البلاغة العربية المؤلف : الميداني، عبد الرحمن حبنكة    الجزء : 1  صفحة : 241
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست