قالوا: ولا تفيد توكيد النفي ولا تأبيده خلافاً للزمخشري.
أقول: أمّا أنّها لا تفيد التأبيد فهو حقٌّ، لأنّ في كثير من النصوص التي توجد فيها "لن" ما يدلُّ على أنّ التأبيد غير مدلولٍ عليه فيها.
وأمّا التأكيد فأرى أنّها تُفِيده، لأن مَبْنَى حرف "لن" فيه زيادة لفظية على مبنى حرف "لا" فهي آكَدُ منها.
***
رأيٌ لِلْحَوْفِي حول أدوات النفي
قال الْحَوْفِي: أصل أدوات النفي "لا" و"ما" لأنّ النفي إمّا في الماضي، وإمّا في المستقبل، والاستقبال أكثر من الماضي أبداً. قال: و"لا" أخفّ من "ما" فوضعوا الأخفّ للأكثر، ثُمَّ إنّ النفي في الماضي إمّا أن يكون نفياً واحداً مستمراً، أو نفياً فيه أحكامٌ متعدّدة، وكذلك النفيُ في المستقبل، فصار النفي على أربعة أقسام، واختاروا له أرْبَعَ كلمات: "ما" و"لم" و"لن" و"لا".
وأمّا "إنْ" و"لمَّا" فليسا بأَصْلَيْن.
فـ "ما" و"لا" في الماضي والمستقبل متقابلان، و"لم" كأنَّه مأخوذٌ من "لا" و"ما" لأنّ "لم" نفي للاستقبال لفظاً، وللمضيّ معنًى، فأُخِذَ اللاَّمُ مِن "لا" الّتي هي لنفي المستقبل، والميم من "ما" التي هي لنفي الماضي، وجُمِعَ بينَهُما إشارةً إلى المستقبل والماضي، وقُدِّم اللاّم على الميم إشارة إلى أَنَّ "لا" هي أصل النفي، ولهذا يُنْفَى بها في أثناء الكلام، فيُقالُ: لم يفْعَلْ زيْدٌ ولاَ عَمْرو.
وأمّا "لَمَّا" فَتَرْكيبٌ بعْدَ تَرْكيب، كأنّه قَالَ: "لَمْ" و"ما" لتوكيد معنى النفي في الماضي، وتفيد الاستقبال أيضاً، ولهذا تُفِيد "لمّا" الاستمرار.