خدّه، وسدّ أذنه، وجعل حرمان من أنشده جزاءه، هذا إذا لم يتعدّ ذاك إلى شتم الحيّ، ولعن الميت.
ولما كان الشأن هذا الشأن، والزمان هذا الزّمان، وضعت هذا الكتاب، وجمعت فيه أمثالا استحدثها مولّدو [1] العصر، وأنشاء [2] الزّمان، وأبناء الدولة العباسيّة من أهل بغداد وغيرها من العراق، ودمشق وذواتها من الحجاز [3] ، وهي قريبة إلى الفهم، عذبة على اللسان، مقبولة في القلب، لا يجهلها العامّة، [[3] و] ولا يتكبّر عنها الخاصّة، وأكثرها مرسلة لا يعرف أصحابها لإتيان الزّمان على ذلك، ولأنّ كلام العرب لا تقيّده الأفهام، ولا تشغل بتخليده الأقلام، ولا يجري في الضّبط والرواية مجرى كلام العرب الذين حفظوا أنسابهم، وقيّدوا آدابهم، وعلموا أن الأمثال حكمتهم فوعوها، وأيقنوا أنّ الأشعار دواوينهم فرووها، فأخذها الباقي عن الماضي، وتلقّفها المستفيد عن الرّاوي حتى وصلت إلينا فأودعناها الكتب، وشغلنا بها الخواطر.
وإنّما غايتنا في هذه الأمثال أن نلتقطها من أفواه الكتّاب في الدّواوين، والتّجّار في الأسواق، والغرباء في الأسفار، والخلعاء في [1] في الأصل: مولدوا. [2] أنشاء الزمان: أبناؤه. [3] عن إبراهيم الحربي أن تبوك وفلسطين من الحجاز- معجم البلدان 2: 219.