وإذا كان مصدر أبي بكر في هذا الكتاب ما كانت قد وعته حافظته أثناء إقامته- وهو شاب- في العراق والشام، وما يمكن أن يكون قد دوّنه، فإنّ الذي يغلب على الظنّ أنه ألّفه على دفعات يبتعد بعضها عن بعض شيئا ما، وآية ذلك ما نراه من تكرار طائفة من هذه الأمثال، فقد تكرّر في الكتاب ثمانون مثلا- تزيد وتنقص- أسوق منها على سبيل التمثيل المثل الذي رقمه 357 فقد أعاده في 462 والمثل 785 في 811، و 472 في 812، و 534 في 822، و 409 إلى هذا التكرار يغنيني عن التعداد. ومن آيات ذلك اضطراب منهج الكتاب شيئا ما. وأوّل ما يلاحظ ذلك على تبويب الكتاب، فهو يبوّبه على أساس الموضوعات كما في بابي «ما يجري مجرى العظة ... » ،
و « ... المواعظ والأمثال» ، وكما في « ... الشتم للرجل ... » ، و « ...
مدح الرجل ... » ، ولكنّه يخرج عن هذا الأساس إلى أساس آخر بلاغيّ في «تفاريق المجون والتشبيه» ، و « ... تناول المولدين واستعاراتهم» وفي « ... الهزل في الاستعارة» ، و « ... التشبيه في كأنّ وكأنّما» ، ثم يعرض عن الأساسين معا إلى آخر هو البيئة كما في « ... أمثال السّؤال» ، و « ... الأمثال التي تفرّد بها أهل بغداد» وترتّب على هذا شيء آخر يتعلق بتوزيع الأمثال على هذه الأبواب، فقد ذكر المثل 118 في «باب المواعظ ... » وهو آية من القرآن الكريم، وكذلك 464، و 689، 866 فكان من حقّ هذه الأمثال