اسم الکتاب : الأدب الجاهلي في آثار الدارسين قديما وحديثا المؤلف : عفيف عبد الرحمن الجزء : 1 صفحة : 289
أما الطائفة الأولى: فهي تريد من قبائلها أن تبالغ في الحرص على "العقد الاجتماعي" القائم بينها وبينهم, ولا تفرط فيه, بحيث يكون ملزمًا لها في كل الظروف، حتى لو تصرّف الفرد تصرفًا منكرًا لا تقره تقاليدها، ومثالها: شاعر الحماسة "قري بن أنيف" أحد بني العنبر[1] الذي يقول:
لو كنت من مازن لم يتستبح إبلي ... بنو اللقيطة من ذهل بن شيبانا
إلخ الأبيات.
وأما الطائفة الأخرى: فهم "الشعراء الصعاليك" الذين بالغوا في فهم الشخصية الفردية، وتمردوا على النظام القبلي.
وما تبقَّى من الدراسة يفرده الباحث لطرح نظرية جديدة في تقسيم جديد للعصر الجاهلي فنيًّا[2]. ويعترف الباحث بأنه لو توفَّر له جهود القدماء في جمعهم أشعار القبائل لفضَّل توزيعهم على أساس قبلي، ولكنها ضاعت.
لذلك فهو يقترح تصنيفًا جديدًا يقسم الشعر في هذا العصر إلى ثلاثة عصور متميزة, نستطيع من خلالها متابعة حركة الشعر وتطوره الفني فيه، وهذه العصور هي:
1- عصر حرب البسوس: الذي شهد ميلاد القصيدة العربية الأولى عند المهلهل ومعاصريه من شعراء هذه الحرب, ويمتد هذا العصر ليغطي فترة ما بين حرب البسوس وحرب داحس والغبراء؛ حيث تَمَّ نضج مدرسة الطبع الجاهلية التي تكاملت على يد امرئ القيس وأضرابه, وأخذت القصيدة شكلها النهائي الذي استقرَّ لها بعد ذلك, كما ظهرت طلائع مدرسة الصنعة وروادها الأوائل، وهم الطفيل الغنوي وأوس بن حجر وأضرابهما.
2- عصر حرب داحس والغرباء: الذي شهد ازدهار مدرسة الصنعة التي حوّلت مجرى الشعر الجاهلي في فترة ما بين الحربين، وسلمت أدواتها إلى شعراء هذه الحرب يعكفون عليه, وقد بلغت المدرسة الجديدة على أيديهم قمة نضجها, ومنهم: زهير وعنترة والنابغة.
3- عصر ذي قار: الذي يمثل أواخر العصر الجاهلي حتى ظهور الإسلام، وفيه [1] حماسة أبي تمام بشرح المرزوقي 1/ 13-15. [2] دراسات في الشعر الجاهلي 193-215.
اسم الکتاب : الأدب الجاهلي في آثار الدارسين قديما وحديثا المؤلف : عفيف عبد الرحمن الجزء : 1 صفحة : 289