اسم الکتاب : الأدب الجاهلي في آثار الدارسين قديما وحديثا المؤلف : عفيف عبد الرحمن الجزء : 1 صفحة : 288
أما أسماء المواضع والأماكن التي تقع بينها الأطلال, وتحديدها تحديدًا جغرافيًّا دقيقًا فتعلل بأنها نموذج حي للواقعية في ذلك الشعر الجاهلي، كما أنها ترتبط بنفسية الشاعر الذي يتمثل هذه المواضع قطعة من نفسه، ففيها عاش أيامه الجميلة[1].
وتطوَّرت المقدمة مع التطور الفني الذي أصاب الشعر الجاهلي عند شعراء مدرسة الصنعة أو عبيد الشعر، وفي رأي الباحث أن أروع ما وصل إلينا من المقدمات الطللية في هذه المرحلة "مدرسة الصنعة", وهي مقدمة زهير لما ضمَّنها من طاقة تعبيرية تصويرية بارعة, وزهير يرسم منظرين أساسين: الأطلال في صمتها وسكونها، ومنظر صاحبة الأطلال في رحلتها المندفعة في الصحراء[2].
وتتميز مقدمات لبيد بأن فيها تعبيرًا عن فتنة الشاعر بالطبيعة فتنة طاغية جعلت الطبيعة تشغله عن الأطلال وصاحبة الأطلال[3], ويتناول الباحث المقدمات الأخرى ويمثّل بأمثلة من الشعر الجاهلي.
وأما القضية الرابعة "الشعر الجاهلي بين القبيلة والفردية": فخلاصة رأيه أن "عقدًا اجتماعيًّا" عقد بين الشاعر وقبيلته، وكان نتيجته أن قام "عقد فني" فرض عليه ألّا يتحدث عن نفسه، وإنما يتحدث عن قبيلته, وأصبح ضمير الجماعة "نحن" أداة التعبير بدلًا من ضمير الفرد "أنا", وأصبحت "صناديق أصباغه" مستعارة من قبيلته وليست صادرة عن نفسه.
ولكن ذلك لم ينف وجود شعر يصور شخصيات أصحابه أو حياتهم الخاصة. أما الصوت الأقوى والأوضح, فكان صوت المجموع. وهكذا وجد ما يمكن تسميتهم بـ "أصحاب المذهب القبلي في الشعر" أو "شعراء القبائل", وفي مقابل هؤلاء وجد أيضًا "أصحاب المذهب الفردي", ومثال المجموعة الأولى: عمرو بن كلثوم وغيره كثيرون, ومثال المجموعة الثانية: امرؤ اليس وطرفة. وإلى جانب هاتين الطائفتين وجدت طائفتان أخريان من الشعراء، بالغت إحداهما في التمسُّك بالشخصية القبلية, وبالغت الأخرى في الاعتداد بالشخصية الفردية. [1] دراسات في الشعر الجاهلي 127. [2] نفسه 134. [3] نفسه 142.
4 نفسه 171-190.
اسم الکتاب : الأدب الجاهلي في آثار الدارسين قديما وحديثا المؤلف : عفيف عبد الرحمن الجزء : 1 صفحة : 288