اسم الکتاب : معجم القواعد العربية المؤلف : عبد الغني الدقر الجزء : 1 صفحة : 271
الحال:
-1 تَعْرِيفُه:
هي ماتُبيِّن هَيْئَة الفاعِلِ أو المَفْعُولِ به لَفْظاً أو مَعْنىً، أو كِلَيْهما.
وعَامِلُها: الفِعلُ، أو شِبْهُهُ، أو مَعْنَاهُ وشَرْطُها: أنْ تكونَ نَكِرةً وصَاحِبُها مَعْرِفةً نحو" أقْبلَ مُحَمَّدٌ ضَاحِكاً" و "اشْرِب الماءَ بارِداً" و "وكلَّمتُ خَالِداً مَاشِيَيْن" و "هذَا زيدٌ قَائِماً".
وقولُهم: "أرْسَلَها العِراكَ" و "مرَرْتُ به وحدَه" مِمَّا يُخَالفُ ظاهِراً شَرْطَ التَّنِكِير - فمؤول، فَأَرْسَلَها العِرَاكَ، تَؤُوَّلُ مُعْتَرِكَة، وَوَحْدَه تُؤَوَّل مُنْفَرداً وقال سيبويه: "إنَّها مَعَارِفُ مَوْضُوعةٌ مَوْضِعَ النَّكراتِ أي مُعْتَرِكة، إلخ". وسيأتي بيانها وتفصيلها.
-2 أوصاف الحال.
للحال أرْبَعَةُ أوْصَاف:
(أ) مُنْتَقِلة، وهي الحالُ الَّتي تَتَقيَّد بوقتِ حُصُولِ مَضْمُونِ الجُمْلة، وهي الأصلُ والغَالبُ نحو" سَافَرَ عليٌّ رَاكباً" والمَرَاد أنه لا يَدُوم على الركوب. ولابُدَّ سَيَنزِل.
(ب) الحَالُ الثَّابِتةُ: هي التي تَقَعُ وَصْفاً ثَابِتاً في مَسائلَ ثلاثٍ:
(1) أنْ تَكونَ مُؤَكِّدةً لِمَضْمُونِ جُمْلةٍ قَبْلَها، نحو" عَلِيٌّ أبُوكَ رَحِيماً" فإنَّ الأُّبُوَّةَ من شَأْنِها الرَّحْمَةُ، أو مُؤَكَّدةً لِعَامِلها نحو: {وَيَوْمَ أُبْعَث حَيّاً} (الآية "33" من سورة مريم "19") والبَعْث مِنْ لاَزِمِه الحَيَاة.
(2) أنْ يَدُلَّ عَامِلُها على تَجدُّدِ صَاحِبها - أي حدوثِه بعد أنْ لم يَكُنْ - نحو: {وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفاً} (الآية "28" من سورة النساء "4") .
وقول الشاعر (هو رجل من بين جناب) :
فَجَاءتْ به سَبْطَ العِظَامِ كأَنَّما ... عِمامَتُه بَيْنَ الرِّجالِ لِواءُ
(سَبْط العظام: حسنَ القد والاستواء. واللَّواء: دون العَلَم، والشَّاهد: سَبْطَ العِظام فإنَّه حالٌ غير منتقلة)
(3) أنْ يكونَ مَرْجِعَها السَّماعُ، ولا ضَابِطَ لها، نحو: {وهُوَ الذي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الكِتَابَ مُفَصَّلاً} (الآية "114" من سورة الأنعام "6") .
(ب) أنْ يكونَ مَرْجِعَها السَّماعُ، ولا جَامدةً وذلِكَ أيضاً غَالبٌ، وتقعُ جامِدَةً في عَشْرِ مَسَائل:
(1) أنْ تَدُلَّ على تَشْبِيهٍ نحو "بدا خَالدٌ أَسَداً" ومِنْه قوله:
بَدَتْ قَمَراً ومَالَتْ خُوطً بانٍ ... وَفَاحَتْ عَنْبَراً وَرَنَتْ غَزالا (الخُوط: الغُصْن النَّاعم، "البَان" شجر)
(2) أن تَدُلَّ على مفاعلة نحو "بعته يداً بيد" و "كلَّمته فاه إلى فيَّ"
(3) أن تفيد ترتيباً نحو "ادخلوا رجلاً رجلاً"و "قرأت الكتاب باباً باباً"ف"رجلاً رجلاً"و "باباًباباً"مجموعهما هو الحال.
(4) أنْ تَدُلَّ على التَّعسير نحو "بعْهُ البُرَّ مُدّاً بِدِرْهَمَين". فـ "مُدّاً" حالٌ جَامِدَة.
وجُمْهُورُ النُّحَاةِ مُؤَوَّلَةٌ بالمُشْتَق فَيُؤَوَّلُ الأَوَّلُ: مُشَبَّهاً بأسدٍ، والثاني: مُتَقَابِضَيْن، والثالي: مُرَتَّبِين، والرَّابعُ: مُسَعِّراً.
أمّا السِّتَّةُ الآتِيةُ فَهِيَ جَامِدَة لا تُؤَوَّل بِمُشْتَق.
(5) أنْ تكونَ مَوْصُوفَةً نحو {إنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبيّاً} الآية "2" من سورة يوسف "12") .
(6) أن تَدُلَّ عَلى عَدَدٍ نحو {فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} (الآية "142" من سورة الأعراف "7") .
(7) أن يُقْصَدَ بها تَفْضيلُ شَيءٍ عَلى نَفْسِهِ أو غيرِه باعْتبارَيْن نحو: "عَلِيٌّ خُلُقاً أَحْسَنُ منه عِلْماً".
(8) أَنْ تكونَ نوعاً لصاحِبها نحو: " هَذَا مَالُكَ ذَهَباً".
(9) أَنْ تكونَ فَرْعاً لصَاحِبها نحو: {وَتَنْحَتُونَ الجِبَالَ بُيُوتاً} (الآية "74" من سورة الأعراف "7") .
(10) أنْ تكونَ أصْلاً لهُ نحو "هذَا خَاتَمُكَ فِضَّةً" ونحو قوله تعالى: {أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً} (الآية "61" من سورة الإسراء "17") .
(جـ) أنْ تكونَ نَكِرَةً لا مَعْرِفةً، وذَلكَ لازِمٌ، فإنْ وَرَدَتْ مَعْرِفَةً أُوِّلَتْ بِنكِرَة نحو "جَاء وحدَه". أي مُنْفَرِداً، و "رجَعَ عَودَهُ على بَدْئه". أي عَائِداً، ومثلُه "مَرَرْتُ بالقومِ خَمْسَتَهم" و "مرَرْتُ بهم ثَلاثَتَهم" (ويجوز بخمستهم وثَلاثَتهم على البَدَل ولكِن يَخْتلف المعنى) أي تَخْمِيساً وتَثْلِيثاً، و "جاءُوا قَضَّهُم بَقَضِيضَهم" (في القاموس: بفتح ضاد" قضهم" أي على الحال - وبضمها - أي جميعُهم على التوكيد، والقضّ: الحَصَى الصِّغار، والقَضِيض: الحَصَى الكِبَار) . أي جَمِيعاً، ومنه أيْضاً قولُهم "فَعَلْتُه جُهْدِي" و "أسْرَعتُ طَاقَتي" ولا تُسْتَعملُ إلاَّ مُضَافاً وهو مَعْرِفة، وفي مَوضِع الحَال، وتَأْويله: مُجْتَهِداً ومُطِيقاً.
ومِنْه قَوْلُ لَبيد:
فأَرْسَلَها العِرَاكَ ولم يَذُدْهَا ... ولم يُشفِق على نَغَصِ الدِّخال
(الإرْسَال: التخلية والإِطلاق، وفاعل أرسلها: حِمارُ الوَحْش، وضميرُ المؤنث لِأُتُنِه، والذَّوْد: الطَّرْدُ، أشْفَق عليه: إذا رَحمه، والنَّغَص، مصدر يقال: نغص ينغص: إذا لم يَتم مُرادُه، وكذا البَعير إذا لم يتم شُرْبُه، والدَّخَال: أَنْ يُداخل يعيرٌ قد شَرِب مرَّة في الإِبل التي لم تَشْرب حتى يشرب مَعَها، يقول: أوْرَد العَيْر - وهو حِمَارُ الوَحْش - أُتُنَه الماءَ دَفْعةً وَاحِدةً مُزْدَحِمة ولم يَشْفِق على بَعْضِها أن يتنغَّص عند الشُّرب، ولم يَذُدْها لأنَّه يخافْ الصَّياد بخلاف الرِّعَاء الذين يُديرُون أَمْر الإِبل، فإنهم إذا أورَدُوا الإِبل جَعلُوها قِطَعاً حتى تَرْوَى)
ومثلُ فأرسلها العراك، قولك: " مررت بهم الجَمَّاءَ الغَفِيرَ" أي على الحال على نية طرح الألف واللام وهذا كقولك: " مررت بهم قاطبةً" و "مرَرْت بهم طُرّاً".
(= أنظرهما في حرفيهما) .
(د) أن تكونَ نَفس صَاحبها في المعنى، ولذا جَازَ" جَاء عليٌّ ضَحِكاً" لأنَّ المصدرَ يباينُ الذاتَ بخلاف الوصفِ، وقد جاءتْ مَصادِرُ أحْوالاً في المَعَارِف نحو: "آمَنْتُ باللَّه وَحْدَه". و "أرْسَلَهَا العِرَاكَ" كما تَقَدَّم وبكَثْرةٍ في النَّكِرات نحو" طَلَعَ بَغْتَةً" و" سَعَى رَكْضاً" ومنه قوله تَعالى: {ثُمَّ اَدُعهُنَّ يأْتِينَكَ سَعْياً} (الآية "260" من سورة البقرة "2") ومنه"قَتَلَه صَبْراً"وذلك كلُهُّ عَلَى التَّأويل بالوصف: أي مُباغِتاً، ورَاكِضاً، وسَاعِياً، ومَصْبُوراًأي مَحْبُوساً، والجُمْهُور على أنَّ القِياسَ عليه غيرُ سَائغٍ. وابنُ مالك قَاسَهُ في ثَلاثةِ مواضعَ:
(الأوَّل) المَصْدرُ الواقِعُ بعد اسمٍ مُقْتَرِنٍ بـ "أل" الدالة على الكمال، نحو "أَنتَ الرَّجُلُ عِلْماً" فيجوزُ " أنْتَ الرَّجُلُ أَدَبَاً ونُبْلاً" والمعنى: الكَامِلُ في العِلِم والأدَبِ والنُّبْل.
(الثاني) أَنْ يَقَعَ بعدَ خَبرِ شُبِّهَ بِهِ مُبْتَدؤه نحو "أنْتَ ثَعْلَبٌ مُرَاوَغَةً".
(الثالث) كلُّ تركيبٍ وقع فيه الحالُ بعد "أما" في مَقامٍ قُصِدَ فيه الرَّدُّ على مَنْ وَصَفَ شَخْصاً بوصفين، وأنتَ تَعْتقِدُ اتِّصَافَهُ بأحَدِهِمَا دُونَ الآخَرِ نحو" أَمَّا عِلْماً فَعالِمٌ" والنَّاصِبُ لهذه الحالِ هو فعلُ الشَّرطِ المحذوف، وصاحبُ الحالِ هُوَ الفاعل، والتَّقدير: مَهْمَا يَذْكُرُه إنسانٌ في حالِ عِلْمٍ فالمذكور عالمٌ.
وهُناكَ أسَماءُ تَقَعُ حَالاً ليستْ مُشْتَقَّات، وليست مَصادر، بل تُوضَع مَوْضِعَ المَصَادر نحو" كَلَّمتُه فَاهُ إلى فِيَّ" التَّقْدير: كلمتُه مُشَافَهةً، ونحو: "ايَعْتُه يَداً بِيَدٍ" أي بَايَعْتُه نَقْداً وقد تقدم، ولَوْ قُلْت: "كلمتُه فُوه إلى فِيَّ" لجاز.
أمَّا" بايَعْتُه يَدٌ بِيدٍ" برفع" يَدٌ" فلا يجوز، ومن ذلك قولهم في المثل: "تفرَّقُوا أيْدِي سَبَا" و "أيدي" وأياديَ - على رواية ثَانية - في موضع الحال، والتَّقْدير: مثلَ تَفرَّق أيْدِي سَبَا.
[3] صاحِبُ الحَال:
الأصلُ في صَاحِب الحَال: التَّعرِيفُ ومن التَّعرِيف قَولُكُ: " مَرَرْت بكُلٍّ قائماً" و "مرَرْتُ بِبَعْضٍ نَائِماً". و "ببْعضٍ جالِساً" وهو مَعْرفة لأن التَّنْوين فيه عِوَضٌ عن كَلِمَةٍ مَحْذُوفَةٍ، والمَحْذُوف تَقْديرُه: بكلِّ الصّالِحين، أو بكلِّ الأصْدقاء، وصارَ مَعْرفةً لأنه بالحقيقة مضافٌ إلى مَعْرِفة ومثله قوله تعالى: {وكُلٌّ أَتَوْهُ داخرين} (الآية "87" من سورة النمل "27") .
وقد يَقْعُ نَكِرةً في مَوَاضِعَ وهِي المُسَوِّغات: منها أنْ يَتَقَدَّمَ عليه الحَالُ نحو قول كُثّير عَزَّة:
لعَزَّةَ مَوحِشاً طَلَلُ ... يَلوحُ كأنَّهُ خِلَلُ
(أصله: لِعزَة طَلَلٌ مُوحِشٌ، و "موحش" نَعْت لـ " طَلَل" فلما تَقدَّم عليه بَطل أنْ يكونَ صِفَةً لِأَنَّ الصفةَ لا تَتَقَدَّمُ على المَوْصُوف، فصارَ حَالاً، والمُسَوغ له: تقدُّمُه على صاحِبه والطَّلَلَ ما بعي من آثارِ الدار، والخِلل: جمع خِلة، وهي كل جِلدَةٍ منقوشة)
ومنها: أن يَتَخَصَّصَ إِمَّا بوَصْفٍ، نحو: {ولمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ من عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقاً} القراءة المشهورة: مصدِّقٌ لما معهم، وقال القرطبي: ويجوز في غير القرآن نصبه على الحال، وكذلك هو في مصحف أُبَيّ بالنصب فيما رُوي 1. هـ والآية هي "89" من سورة البقرة "2") أو إضافة نحو: {في أَرْبَعَةِ أيَّامٍ سَواءً للسَّائِلين} (الآية "10" من سورة فصِّلتْ "41" أو بمعمولٍ نحو" عجِبْتُ من مُنْتَظرٍ الفَحْصَ مُتَكَاسِلاً". ومنها: أن يَسبقَهُ نفي نحو: {وَمَا أهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ ولها كِتَابٌ مَعْلُومٌ} (الآية " 4" من سورة الحجر "15") أو نهي كقولِ قَطَريّ بن الفُجَاءة:
لاَ يَرْكَنَنْ أَحَدٌ إلى الإِحْجَامِ ... يَوْمَ الوَغَى مُتَخَوِّفاً لِحَمَامِ
(الإِحجام: التأخر، الوغى: الحرب، الحِمَام: الموت)
أو استِفْهام كقوله:
يا صَاحِ هَلْ حُمَّ عَيْشٌ بَاقِياً فَتَرى ... لِنَفْسِكَ العُذْرَ في إبْعَادِها الأَمَلاَ (صاح: مرخم صاحب،، وحم: قدر)
وقد تَغْلب المعْرِفةُ النكِرةَ في جملة ويأتي منهما حال، تقول: "هذان رجُلان وعَبْدُ الله مُنْطَلِقَيْن" وإنْ شِئتَ قلتَ: "هَذَان رَجُلان وعبدُ الله مُنْطَلقان". وتقول: "هؤلاءِ ناسٌ وعبدُ اللهِ مُنْطَلِقين" إذَا خَلَطْتَهم، وتقول: " هذه ناقَةٌ وفَصِيلُها راتِعَيْن" ويجوز راتِعَتَان.
وقد يَقَعُ نَكِرةً بغَيْر مُسَوِّغٍ كقولهم: "عليهِ مائةٌ بَيْضاً" وفي الحديث: " وصلَّى وَرَاءَه رِجَالٌ قِياماً".
-4 الحَالُ مع صاحِبها - في التَّقَدُّم والتأخر لَهَا ثلاثُ أَحْوال:
(أ) جَوَازُ التَأخُّرِ عنه والتَّقَدُّمِ عليه نحو" لا تَأكُلِ الطَّعَامَ حارّاً" ويجوز " لا تأكُلْ حَارْاً الطَّعَامَ".
(ب) أن تَتَأخَّرَ عنه وُجُوباً وذلكَ في مَوْضِعَين:
(1) أن تكُونَ مَحْصورةً، نحو: {وَمَا نُرْسِلُ المُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِين ومُنْذِرِينَ} (الآية "48" من سورة الأنعام "6") .
(2) أنْ يكُونَ صَاحِبُها مَجْروراً إمَّا بحرْفِ جَرٍّ غيرِ زائد نحو" نَظَرْتُ إلى السَّماءِ لامِعَةً نُجومُها" وأمَّا قوْلُ الشَّاعر:
تَسَلِّيْتُ طُرّاً عَنْكُمُ بَعْدَ بَيْنِكم ... بِذكْرَاكُمُ حتى كَأنَّكُم عِندي
بتقدِيم "طُرّاً" وهي حالٌ على صَاحِبِها المجرورِ بعن، فَضَرُورة.
وإمَّا بإضافة، نحو" سَرَّني عَمَلُكَ مُخْلِصاً". حال من الكاف في عملك وهي مضاف إليه.
(جـ) أن تتقدَّمَ عليه وُجُوباً كما إذا كان صَاحِبُها مَحْصُوراً فيه نحو "ما حَضَرَ مُسْرِعاً إلاَّ أَخُوكَ".
-5 شَرْطُ الحالِ منَ المضافِ إليه:
تأتي الحالُ من المضافِ إليه بشرط أن يكونَ المضافُ عاملاً فيه نحو: {إليه مَرْجِعُكُمْ جميعاً} (الآية 4" من سوةر يونس "10") . أو يكونَ بَعْضاً منه نحو: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْم أخِيهِ مَيْتاً} (الآية "12" من سورة الحجرات"49") أو كبَعْضِهِ نحو: {فاتَّبِعُوا مِلَّة إبْرَاهِيمَ حَنِيفاً} (الآية "95" من سورة آل عمران "3") . فلو قِيل في غير القرآن: اتَّبعَ إبراهيمَ، لصحَّ.
-6 العَاملُ في الحَال:
لا بُدَّ للحال من عامِل ولا يَعملُ فيها إلا الفِعلُ، أو شَيءٌ يكونُ بَدَلاً مِنه، دَالاًّ عليه، والعَاملُ من غَير الفِعْل المُشْتَقٌّ نحو" أعَائِدٌ بكرٌ حَاجّاً" والظَّرفُ نحو: "زَيْدٌ خَلْفَكَ ضَاحِكاً" أي اسْتَقَرَّ خَلْفَكَ، والجارُّ والمَجْرُور نحو: "زَيْدٌ في الدار نائماً" أي استَقَرَّ، والإِشارة نحو: " ذَاكَ محمدٌ راكباً" والمعنى: أشير المُنْتَزعَةُ من مَعْنَى اسمِ الإِشَارَة، و "ها" للتنبيه نحو" هَذَا عَمْرٌ مُقبلاً" والمعنى: انبِّهكَ.
ويعمل مِن أخوات "إن" ثلاث أدوات هُنَّ: " كأنَّ لِما فيها من مَعْنى: أُشبِّه، نحو "كأنَّ هَذَا بِشرٌ مُنْطَلِقاً" و "ليْتَ " لما فيها من معنى، تَمنَّى، نحو: "ليتَ هذا زَيدٌ شُجاعاً" و "لعَلَّ" لما فيها من مَعْنى أتَرَجَّى، نحو" ولَعَلَّ هذا عَمْرٌو مُنْطَلِقاً". ولا يجوزُ أنْ يَعملَ في الحال" إنَّ ولكِنَّ". وإذا لم يكنْ للحَالِ عامِلٌ مَمَّا سَبَق فلا يجوزُ، فلو قلتَ: "زيدٌ أخُوكَ قائماً" و "عبدُ الله أبوك ضاحكاً" لم يَجُز، وذلك لأنه ليس ها هَنا فِعلٌ، ولا مَعْنَى الفِعْل، ولا يستقيم أن يكونَ أَباه في حَالٍ، ولا يكونُ في حالٍ أُخْرَى، ولو قَصَدْتَ بالأُخوَّة، أُخُوَّة الصَّدَاقَةِ لجَازَ.
(يتبع ... )
اسم الکتاب : معجم القواعد العربية المؤلف : عبد الغني الدقر الجزء : 1 صفحة : 271