اسم الکتاب : ضياء السالك إلى أوضح المسالك المؤلف : النجار، محمد عبد العزيز الجزء : 1 صفحة : 258
الثاني: ألا ينتقض نفي خبرها بإلا[1]؛ فلذلك وجب الرفع في: {وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ} ، {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ} ، فأما قوله:
وما الدهر إلا منجنونًا بأهله ... وما صاحب الحاجات إلا معذبا2
وروي عن الأصمعي وأبي عبيدة. وكان عالمًا بنحو الكوفيين، ومن أعلم الناس بالقرآن واللغة والشعر. رواية ثقة. وقد أقام ببغداد مدة لتعليم الصبيان، وأدب أولاد المتوكل. قيل: إنه بينما كان مع المتوكل يومًا مر بهما ولداه المعتز والمؤيد، فسأله: من أحب إليك؟ ابناي هذان أم الحسن والحسين؟ فغض يعقوب من ابنيه، وأثنى على الحسن والحسين، وقال: قنبر خير منهما، وقنبر هذا خادم علي، فأمر الأتراك فداسوا بطنه، فعاش يوما، ومات سنة 244هـ، ولما مات وجه المتوكل إلى أهله عشرة آلاف درهم دية له. وله -رحمه الله- تصانيف كثيرة في النحو، ومعاني القرآن، وتفسير دواوين العرب. قيل: لم يأت بعده مثله. [1] ومثل "إلا" لكن، وبل، بخلاف "غير"، فإن النقض بها لا يبطل عملها؛ تقول: ما الظلم غير مرد لصاحبه، بنصب "غير".
2 بيت من الطويل، أنشده ابن جني، ونسبه لبعض الأعراب، ولم يعينه.
اللغة والإعراب: الدهر: الزمان والأبد، والمراد هنا: الفلك الدائر. منجنونا: هي الدولاب التي يستقي عليها، والأكثر فيها التأنيث. "ما" نافية مهملة. "الدهر" مبتدأ. "إلا" أداة حصر. "منجنونا" مفعول مطلق عامله محذوف كما ذكر المصنف، أو مفعول لفعل محذوف؛ أي: يشبه منجنونا، والجملة خبر المبتدأ. والشطر الثاني كذلك.
المعنى: أن الزمان ليس له صاحب، ولا يدوم على حالة واحدة؛ فهو يخفض اليوم من رفعه بالأمس، كالدولاب يرتفع وينخفض، وصاحب الحاجات يعاني في قضائها العذاب، ويتحمل المشاق والمصاعب.
الشاهد: استشهد بظاهر هذا البيت يونس وغيره كالشلوبين، فجعلوا "ما" عاملة في صدر البيت وعجزه، و"الدهر" اسمها، و"منجنونا" و"معذبا" خبرها؛ زعما أن انتقاض نفي الخبر بإلا، لا يمنع إعمال "ما"، وقد أوله الجمهور على ما ذكره المصنف.
اسم الکتاب : ضياء السالك إلى أوضح المسالك المؤلف : النجار، محمد عبد العزيز الجزء : 1 صفحة : 258