ويسألون هل يأتي (حمي) بمعنى الحماية لازماً؟ أقول قال أبو علي المرزوقي في شرح ديوان الحماسة (1/381) في قول الشاعر حريث بن جابر:
كما كان يحمي عن حقائقها أبي
فكنت أنا الحامي حقيقة وائلٍ
قال: "ويقال حميت الحقيقة وحميت عن الحقيقة، وهو يحمي عليه ويحامي عليه".
فيتبين بذلك كله أن (حَمى) من الحماية يأتي لازماً فيتعدى بعن وعلى، ويأتي متعدياً إلى مفعول وإلى مفعولين.
أما (حامى) ، وليس هو من أفعال المشاركة، فإنه يتعدى بالحرف تقول (يحمي عليه ويحامي عليه) بمعنى كما قال المرزوقي فيما تقدم. وقد تكرر منه ذلك إذ قال في موضع آخر "فدافعت دونه وحاميت عليه 1/133" وقال: "مدحهم بحسن المحاماة على الجار" وقال: "لأن عادتنا تفرض علينا المدافعة عن الكرم والمحاماة على الشرف /1694". وقد جاء هذا في كلام الجاحظ إذ قال في كتاب التربيع والتدوير: "فأما المحامي على الهزل والمفضل للمزح فإنه قال: أول ما أذكر من خصال الهزل ومن فضائل المزح أنه دليل على حسن الحال وفراغ البال..". وفي الأساس: "حماه حماية وحامى عليه".
وجاء في اللسان: "وحاميت عنه محاماة وحماء، يقال: الضروس تحامي عن ولدها". وقالت ريطة بنت عاصم:
بدار المنايا والقنا متشاجر
فوارس حاموا عن حريم وحافظوا
قال المرزوقي في شرح ديوان الحماسة (1101) : "وقولها فوارس.. وصفتهم بأنهم حفظوا ما وجب عليهم حفظه من حُرَمهم ... والحرمة ما لا يحل لك انتهاكه، وكذلك المحارم واحدتها مَحرمة.. ومن ذلك قيل حريم الدار.. وقولها وحافظوا بدار المنايا، أي ثبتوا بدار الحفاظ ودافعوا وصبروا ولم ينتقلوا عنها طلباً للسلامة".
ويأتي (حمى عليه وحامى عليه) بمعنى آخر. ففي اللسان: "وحاميت على ضيفي إذا احتفلت له قال الشاعر:
من لحم مُنقيةٍ ومن أكبادِ
حامَوا على أضيافهم فشَووا لهم
وحميت عليه: غضبت". ولم يسمع (حامى) متعدياً.
فتبين بذلك أنك تقول حاميت عنه وحاميت عليه حِماه ومحاماة بمعنى الحماية.