ويجري مثل هذا الإبدال والإدغام في (تفعَّل) أيضاً. ومن ذلك: اطيَّر واسَّمع واصَّدق ... بتشديد الطاء والسين والصاد وأصله تطيّر وتصدّق وتسمّع. ففي التنزيل: "قالوا اطّيرنا بك ومن معك –النمل/47". وفي الصحاح: "وتطيرت من الشيء وبالشيء، والاسم الطّيرَة مثل العِنَبة وهو ما يُتشاءم به من الفأل الرديء. وفي الحديث أنه كان يحب الفأل ويكره الطّيرة. وقوله تعالى: "قالوا اطّيرنا بك –النمل/47، وأصله تطيّرنا فأدغمت التاء في الطاء واجتلبت الألف ليصحّ الابتداء به". وثمة اشقق بتشديد الشين والقاف وأصله تشقق، ومنه قوله تعالى: "وإن منها لما يشّقق فيخرج منه الماء /البقرة/74".
وجاء في التنزيل أيضاً: "لا يسَّمَّعون إلى الملأ الأعلى –الصافات/8" بتشديد السين والميم، وهو من التسمع. قال البيضاوي: "وتعدية السماع بإلى لتضمنه معنى الإصغاء مبالغة لنفيه وتهويلاً لما يمنعهم عنه. ويدل عليه قراءة حمزة والكسائي وحفص بالتشديد، من التسمع وهو طلب السماع، والملأ الأعلى الملائكة أي أشرافهم". وفي الصحاح: "وتسمّع إليه واسَّمع إليه بالإدغام".
وفي التنزيل: "إن المصّدقين والمصّدقات وأقرضوا الله قرضاً حسناً يضاعف لهم ولهم أجر كريم –الحديد 18". قال الجوهري في الصحاح: "وقوله تعالى: إن المصّدقين والمصّدقات، بتشديد الصاد أصله المتصدقين فقلبت التاء صاداً وأدغمت في مثلها".
وجاء من ذلك اتَّرس واتّبع وادّثر وازّيّن وازّمّل واضّرّع واطّوّق واطّوّع (شرح الشافية/ 371) ، بتشديد الفاء والعين فيها جميعاً، كما هو في اطيّر واسّمع واصّدق، وجاء (اصّلح) بتشديد الفاء فيه، لأن الأصل فيه اصطلح بوزن افتعل.
القول في حَمى وحامى وتحامى