الفعل ركن مهم في بناء الجملة الفعلية، وبعض أشكال الجملة الاسمية. وعلى ما للفعل من موقع رئيس في تأليف الجملة عامة وشدة اتصاله بالاسم، فقد نزع النحاة إلى الاهتمام بالاسم خاصة، وجعلوا الجملة الاسمية محل عنايتهم ومحور بحثهم ودراستهم، وتولوا أمر الإعراب فيها برحب صدر وسعة ذرع، دون الإعراب في الجملة الفعلية، ذلك أن علم النحو لديهم كان هو الإعراب، كما أشار إليه الزمخشري في (المفصل) ، والإعراب يتناول في الجملة الاسمية جانبيها غالباً، المسند والمسند إليه على السواء، لتغير الآخر فيهما، على حين لا يتناول في الجملة الفعلية إلا أحد جانبيها، وهو المسند إليه، أي الفاعل. أما المسند وهو الفعل فيحكمه البناء في معظم أحواله، فلا يتغير آخره بعوامل الإعراب. وقد تركوا لعلم الصرف أمر تصريف الفعل، في صيغه المختلفة ليعبر عن متباين دلالاته.
مذهب الجارم في الفعل والجملة الفعلية:
عمد الشيخ علي الجارم، رحمه الله، إلى بحث الجملة الفعلية، في مقال له، في الجزء السابع من مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة، عام 1935 للميلاد، فقال: "تقتضي العقلية العربية أن تكون الجملة الفعلية، الأصل والغالب الكثير في التعبير، لأن العربي جرت سليقته ودفعته فطرته إلى الاهتمام بالحدث، في الأحوال العادية الكثيرة، وهي التي لا يريد فيها أن ينبه السامع إلى الاهتمام بما وقع منه الحدث، أو التي لا يهتم هو فيها بمن وقع منه الحدث، فالأساس عنده في الأخبار أن يبدأ بالفعل فيقول: عدا الفرس، ورعت الماشية، وعاد المسافر. وقد يلتجئ العربي إلى الجملة الاسمية، إذا كان القصد إلى الفاعل، وإلى الإسراع بإزالة الشك فيمن صدر منه الفعل، فيبدأ بذكره أولاً، قبل أن يذكر الفعل لكي يخصصه به أو لكي يُبعد الشبهة عن السامع، ويمنعه من أن يظن به الغلط أو التزيد".