درجت المعاجم على الأخذ بما ثبت لها بالرواية والاقتصار عليه. ففي مادة (هبط) ذكر الصحاح أوزان مصدره لازماً ومتعدياً وسكت عن باب الفعل فلم يشر إلى حركة العين في مضارعه، وقد اعتاد أن يشير إلى ذلك غالباً حين يصح في مضارع الفعل الكسر والضم إذ قال مثلاً عكفه أي حبسه ووقفه بعكفه بالكسر ويعكفه بالضم عكفاً، كما قال: وفسق الرجل يفسق بالضم ويفسق بالكسر أيضاً عن الأخفش فسقاً وفسوقاً أي فجر. أما في (هبط) فقد قال الجوهري "هبط هبوطاً نزل وهبطه هبطاً أي أنزله، يتعدى ولا يتعدى". فتدارك ذلك الرازي في مختار الصحاح فجعل الكسر لعين المضارع اللازم والمتعدي على السواء، فقال: "هبط نزل وبابه جلس وهبطه أنزله وبابه ضرب، يتعدى ويلزم" وأهمل الرازي رواية الضم في عين المضارع على ثبوت حكاية الضم في الآية. وتدارك ذلك الفيومي في مصباحه فقال: "هبط الماء ونحوه هبطاً من باب ضرب ونزل" فهو إذاً بالكسر والمصدر على الهبط والهبوط، إذا كان لازماً وأردف: "وفي لغة قليلة يهبط هبوطاً من باب قعد" فخص اللازم بالضم في لغة قليلة، أما الكسر فلهما جميعاً، إذ قال: "وهبطته أنزلته يتعدى ولا يتعدى".
شرط مجيء الفعل على فعَل يفعَل
بفتح العين فيهما
ذهب جمهرة النحاة إلى أن ما جاء على فعَل بفتح العين فيهما، وهو ما أسموه (الباب الثالث) فشرطه أن تكون عينه أو لامه من حروف الحلق، هذا هو القياس، وقد شذ من ذلك أحرف معلومة. قال ابن خالويه في شرح المقصورة الدريدية، على ما حكاه السيوطي في المزهر (2/60) : "قال ابن خالويه في شرح المقصورة: ليس في كلام العرب فعل يفعل بفتح الماضي والمستقبل، إلا إذا كان فيه أحد حروف الحلق عيناً أو لاماً نحو سحر يسحر، وليس فيه أحد حروف الحلق عيناً أو لاماً، في خمسة أحرف: عشى يعشى وقلى يقلى وجبى يجبى وركن يركن، فقل في ذلك خلاف، وأبى يأبى لا خلاف بين النحويين فيه فلذلك خُص بالذكر".