وطبيعي أن يكون المعوَّل في الحكم على (الأمر) هو دلالته، لا التلفظ به، وكذلك فعل علماء الأصول، إذا قضوا أن (الأمر) هو طلب الفعل أي طلب القيام به وليس الفعل، أي وليس التلفظ به، قال ابن العيني زين الدين عبد الرحمن بن أبي بكر، في شرح كتاب (المنار) لابن الملك: "ومنه أي من الخاص الأمر لأنه وضع لمعنى معلوم على انفراد، وهو طلب الفعل"، ويمضي في الشرح فيقول: "وخرج بالقول، أي بتعريف ابن الملك، الفعل"، أي خرج بالتعريف أن يكون (الأمر) هو الفعل، أي التلفظ به، لأنه طلب الفعل، أي طلب القيام به.
*أزمنة الفعل عند ابن يعيش:
قال موفق الدين يعيش بن علي بن يعيش الحلبي (643هـ) ، في شرح كتاب (المفصل) ، للزمخشري (ج2/ ص7) : "لما كانت الأفعال مساوقة للزمان، والزمان من مقومات الأفعال، توجد عند وجوده، وتنعدم عند عدمه، انقسمت بأقسام الزمان، ولما كان الزمان ثلاثة: ماض وحاضر ومستقبل، وذلك من قبل أن الأزمنة حركات الفلك، فمنها حركة مضت، ومنها حركة لم تأت بعد، ومنها حركة تفصل بين الماضية والآتية، كانت الأفعال كذلك ماض ومستقبل وحاضر. فالماضي ما عدم بعد وجوده، فيقع الإخبار عنه في زمان بعد زمان وجوده، وهو المراد بقوله: الدال على اقتران حدث بزمان قبل زمانك، أي قبل زمان إخبارك، ويريد بالاقتران وقت وجود الحدث، لا وقت الحديث عنه، ولولا ذلك لكان الحد فاسداً ... والمستقبل مالم يكن له وجود بعد، بل يكون زمان الإخبار عنه قبل زمان وجوده. وأما الحاضر فهو الذي يصل إليه المستقبل، ويسري منه الماضي، فيكون الإخبار عنه هو زمان وجوده".
فالذي أراده ابن يعيش، أن الفعل مادام مقترناً بزمان، والأزمنة ثلاثة: ماض وحاضر ومستقبل، فالفعل كذلك: ماض وحاضر ومستقبل. لكنه حين قسم الفعل اتبع فيه القسمة الشائعة المعروفة عند النحاة فقال: الفعل ماض ومضارع وأمر، فأين (الأمر) من قسمة الأزمنة أو الأفعال هذه؟ ...
*ما القول في فعل الأمر: