وممن عرّف الفعل بدلالتيه الحدث والزمان أبو حيان الأندلسي أبو عبد الله محمد ابن يوسف بن علي بن يوسف، فقال: "إنه ـ أي الفعل ـ يدل على الحدث بلفظه وعلى الزمان بصيغته". كما حكاه السيوطي في الاقتراح (ص/10) ، وقد أشار ابن جني (392هـ) إلى هذا في الخصائص (3/ 98) ، فقال: "ألا ترى إلى ـ قام ـ ودلالة لفظه على مصدره، ودلالة بنائه على زمانه، ودلالة معناه على فاعله، فهذه ثلاث دلائل من لفظه وصيغته ومعناه". فأوحى كلامه هذا بأن تعريف الفعل بدلالتيه أدنى إلى علم الصرف الذي يبحث بنية الكلمة فيعنى بالمفردات من حيث صورها وهيآتها، على حين جاء تعريف الفعل بشأنه في الإسناد، كما سنرى، أدنى إلى علم النحو الذي يُعنى ببناء الكلام وتأليفه فيتناول الإسناد أي نسبة كل من عنصري الجملة اسمين كانا أو اسماً وفعلاً أحدهما إلى الآخر، حقيقة وحكماً. أوليس الإسناد ضم كلمة أو ما يجري مجراها إلى أخرى بحيث يفيد الحكم بأن مفهوم إحداهما ثابت لمفهوم الأخرى أو منفي عنه؟.. وقد قصد بما يجري مجرى الكلمة الجملة الواقعة خبراً عن مبتدأ. قال الشريف علي بن محمد الجرجاني في تعريفه: "الإسناد في عرف النحاة عبارة عن ضم إحدى الكلمتين إلى الأخرى على وجه الإفادة التامة، أي على وجه يحسن السكوت عليه، وفي اللغة إضافة الشيء إلى الشيء /14".
*تعريف الفعل بشأنه في الإسناد:
نحا النحاة في القرن الرابع الهجري نهجاً آخر في تعريف الفعل فعرَّفوه بملاحظة ماله من شأن في الإسناد. فالاسم في بناء الجملة ما يسند ويسند إليه، أي يخبر به ويخبر عنه، والفعل ما يسند ولا يسند إليه أي يخبر به ولا يخبر عنه، أما الحرف فما لا يسند ولا يسند إليه.