ولا ننسى أن سيبويه قد أشار في تعريفه هذا إلى مذهب البصريين في اشتقاق الفعل من المصدر، فالمصدر هو الأصل والفعل هو الفرع، خلافاً للكوفيين الذين اعتدوا الفعل هو الأصل. وقد استوفى أبو البقاء العكبري عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن الحسين الإمام محب الدين (616هـ) ، شرح مذهب البصرية هذا. قال السيوطي في (الأشباه والنظائر ـ 1/ 128) : "قال أبو البقاء في التبيين: الدليل على أن الفعل مشتق من المصدر طرق، منها: وجود حد الاشتقاق في الفعل، وذلك أن الفعل يدل على حدث وزمان مخصوص فكان مشتقاً وفرعاً على المصدر ... وتحقيق هذه الطريقة أن الاشتقاق يُراد لتكثير المعاني، وهذا المعنى لا يتحقق إلا في الفرع الذي هو الفعل، وذلك أن المصدر له معنى واحد، وهو دلالته على الحدث فقط، ولا يدل على الزمان بلفظه، والفعل يدل على الحدث والزمان المخصوص، فهو بمنزلة اللفظ المركب فإنه يدل على أكثر مما يدلّ عليه المفرد، ولا تركيب إلا بعد الإفراد، كما أنه لا دلالة على الحدث والزمان المخصوص إلا بعد الدلالة على الحدث وحده ... "، وأردف: "وطريقة أخرى وهي أن تقول: الفعل يشتمل لفظه على حروف زائدة على حروف المصدر، تدل تلك الزيادة على معاني زائدة على معنى المصدر، فكان مشتقاً من المصدر ... ومعلوم ما لا زيادة فيه أصل لما فيه الزيادة ... ". والعكبري هو صاحب اللباب في علل البناء والإعراب، ومؤلف الإعراب عن علل الإعراب، والبيان في إعراب القرآن، وإعراب الحديث النبوي وسواها. وهو من مصنفاته النحوية محيط بآراء أئمة النحو. وقد أخذ بآراء البصرية عن بيّنة وساق أدلّتهم وحججهم وقام بشرح كثير من مصنفاتهم.