ومن النحاة من اتخذ في تعريف الفعل حد الزمن وحده. فالفعل ما اقترن بزمن والاسم مالم يقترن به. ويُعترض على هذا بأن الزمن واحد من دلالتي الفعل، فقد وضع الفعل ليدل على معنى، الزمن جزء منه، كما وضع الاسم ليدل على معنى، ليس الزمن جزءاً منه. وأقدم تعريف اتخذ مثل هذا الحد، هو ما جاء به الكسائي أبو الحسن علي بن حمزة (189هـ) . فقد روي عن الكسائي أنه قال: "الفعل ما دل على زمان"، كما ذكره الدكتور الساقي في كتاب (أقسام الكلام العربي/69) .
والكسائي إمام الكوفيين في النحو واللغة وأحد القراء السبعة.
وقد حذا هذا الحذو أبو الحسن بن كيسان (299هـ) ، فقد حكي عنه قوله: "الفعل ما كان مذكوراً لأحد الزمانين: إما ماضٍ أو مستقبل، والحد بينهما"، كما أشار إليه الدكتور الساقي في كتابه (أقسام الكلام العربي/69) . وابن كيسان أحد العلماء البغداديين الذين أخذوا النحو عن إمام البصريين المبرّد أبي العباس محمد بن يزيد (285هـ) ، وإمام الكوفيين ثعلب أبي العباس أحمد بن يحيى (291هـ) . فكان بصرياً كوفياً.
وإذا كان الكسائي وابن كيسان قد عرّفا (الفعل) بالزمن فوصفاه بأحد دلالتيه، فقد عمد النحاة بعدهما إلى إحكام تعريفه فوصفوه بدلالتيه (الحدث والزمن) . وأقدم ما جاء من ذلك في تعريف الفعل، ما قاله أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي (337هـ) ، في كتابه الإيضاح: "الفعل على أوضاع النحويين ما دل على حدث وزمان ماضٍ أو مستقبل نحو قام يقوم/53". وذكر ذلك في كتاب (الجمل/17) . أيضاً. والزجاجي ممن جمعوا علم الكوفة إلى علم البصرة، وقد كان إلى البصرية أميل، لكنه لم يتعصب لأحد المذهبين فيحاكي بغير دليل أو يتابع بغير حجة.