الفعل تعريفه وَأقسامُهُ وأبوابُه
تشعبت أقوال النحاة في تعريف الفعل، وتباينت مذاهبهم في اعتماد الحد الذي يعقد عليه هذا التعريف، كما اختلفت كلمتهم في تقسيمه بين البصرية والكوفية. ولابد من بسط الكلام على هذا كله، قبل المضي في البحث عن أبوابه.
تعريف الفعل:
أقدم ما بلغنا في تعريف الفعل مقالة سيبويه (183هـ) ، في الكتاب. قال سيبويه في (باب علم ما الكلمُ من العربية ـ 2/ 1) : "وأما الفعل فأمثلة أخذت من لفظ أحداث الأسماء، وبنيت لما مضى، ولما يكون ولم يقع، وماهو كائن لم ينقطع"، وأردف: "فأما بناء ما مضى فذهب وسمع ومُكث وحُمد، وأما بناء ما لم يقع فإنه قولك آمراً: اذهب واقتل واضرب، ومخبراً: يقتل ويذهب ويضرب ويُقتل ويُضرب، وكذلك بناء مالم ينقطع وهو كائن إذا أخبرت"، وختم كلامه فقال: "فهذه الأمثلة التي أخذت من لفظ أحداث الأسماء، ولها أبنية كثيرة، ستبين إن شاء الله".
*تعريف الفعل بالمثال: ونلحظ أن هذا التعريف إنما عقد على حد (المثال) إذ قال: "وأما الفعل فأمثلة أخذت من لفظ أحداث الأسماء". فالفعل، كما جاء، أمثلة اشتقت من لفظ أحداث الأسماء، أي المصادر. قال سيبويه: "الأحداث نحو الضرب والقتل والحمد". فمن هذه الأمثلة ما اشتق لما مضى، وهو الفعل الماضي، وما اشتق لما يكون ولم يقع، وهو فعل الأمر، وثالث اشتق لما هو كائن لم ينقطع، وهو المضارع، وكل مثال من هذه الأمثلة قد صيغ لزمن من الأزمنة.
وممن جرى على منهاج سيبويه هذا في تعريف الفعل فاتخذ (المثال) حداً في التعريف كبير نحاة الأندلس أبو بكر محمد بن الحسن الزُبيدي الإشبيلي الأندلسي (379هـ) . وقد عُرف نحاة الأندلس بسلوك طرائق النحاة المشارقة في كثير مما كتبوه في اللغة والأدب، وقد يستدركون عليهم شيئاً مما حققوه. فألَّف الزبيدي مختصر كتاب العين للخليل بن أحمد، وطبقات النحويين واللغويين بالمشرق والأندلس، وكتاب الواضح في العربية. وقد عكف على (الكتاب) مؤلف سيبويه فثقفه ومهره وأحصى مسائله واستقرى دقائقه، لكنه استدرك عليه بعض ما جاء فيه، في كتابه (الأبنية) ، قال الزبيدي في كتاب الواضح: "اعلم أن جميع الكلم ينقسم إلى ثلاثة أقسام: اسم وفعل وحرف جاء لمعنى. فالاسم.. والفعل قولك: ضرب وخرج وانطلق، ويضرب ويخرج، واضرب واسمع، وما أشبه هذا"، فلم يزد في تعريف الفعل على أن جاء بأمثلة منه للماضي والمضارع والأمر.
*تعريف الفعل بإحدى دلالتيه الزمن وبدلالتيه الحدث والزمن: