فكما أنها إذا خففت في رأس وفاس وياس انقلبت ألفاً لسكونها وانفتاح ما قبلها كذلك قلبت في نحو: آمن وآجر وآتى، وفي الأسماء نحو: آذر وآخر وآدم. إلا أن الانقلاب ها هنا لزمها لاجتماع الهمزتين، والهمزتان إذا اجتمعتا في كلمة لزم الثانية فيهما القلب بحسب الحركة التي قبلها إذا كانت ساكنة نحو آمن، أومن، أيذَن، أيتمان".
يقول أبو علي الفارسي أن الألف التي تلي الهمزة في (آمن) ليست زائدة لأنها لو كانت كذلك لكان (آمن) على فاعل، ولم يسمع. وهي ليست منقلبة عن واو أو ياء لأن هذين إنما ينقلبان إلى الألف إذا تحركا والموضع موضع سكون. قال ابن جني في كتاب التصريف: "فأما الواو والياء فمتى تحركتا وانفتح ما قبلهما قلبتا ألفاً.. نحو قام وباع وأصلهما قوَم وبَيع. وكذلك طال وخاف وهاب والأصل طول بالضم وخوف بالكسر وهيبَ بالكسر، فأبدلتا ألفين لما ذكرنا". فلا يبقى إلا أن تكون قد انقلبت عن همزة، وإنما تقلب الهمزة ألفاً إذا سكنت. قال ابن جني: "متى سكنت الهمزة وانفتح ما قبلها فتخفيفها وإبدالها جميعاً أن تصيِّرها ألفاً في اللفظ، فالتخفيف في قولك في رأس راس، وفي فأس فاس، وفي اقرأ اقرا وفي اهدأ اهدا. والبدل في قولك آدم وآمن والأصل أأدم وأ أمن فأبدلت الهمزة الثانية ألفاً لاجتماع الهمزتين وسكون الثانية وانفتاح ما قبلها".
القول في (آنس)
ويقول الكتاب حيناً (هو يؤانس من فلان ميلاً إليه) أي شعر منه بميل، فيأتون بالفعل من صيغة فاعل، على ما يوهم لفظ ماضيه، لأنه بعد الإعلال يصير آنس بالمد. وإنما هو أفعل لا فاعل لان أصله أأنس بهمزتين، فالصواب في مضارعه يؤنس مثال يكرم. هذا ما أورده الشيخ إبراهيم اليازجي في رسالته (لغة الجرائد) .