ويقول الكتاب حيناً (ومنهم من لا يؤمنون بهذا القول) فيأتون بآمن على فاعل، وليس في العربية آمن كفاعل، وإنما هو عامي، فآمن يؤمن كأفعل يُفعل فهو مُفعل. تقول أمن البلد إذا اطمأن فهو آمن. فإذا عدّيته بالتضعيف فقلت (أمَّنته) بتشديد الميم، ومنه ما جاء في الحديث (آمنوا السبل) أي اجعلوها آمنة، والسبُل بضمتين جمع سبيل. وأنت تعدّيه بزيادة الهمزة فتقول آمنته إيماناً خلاف أخفته. ومنه قوله تعالى: (وآمنهم من خوف (. وفي اللسان: "آمن فلان العدو إيماناً فأمن يأمن، والعدو مؤمَن" بفتح ما قبل آخره. وفي اللسان "واستأمنني فلان فآمنته أومنه إيماناً". وهكذا قولك (آمنت بالله إيماناً) فهو أفعل إفعالاً. وانظر إلى ما جاء في المخصص لابن سيده (13/83) :
"الإيمان التصديق وقد آمن وزنه أفعل ولا يكون فاعل. قال الفارسي: لا تخلو الألف في آمن من أن تكون زائدة أو منقلبة، وليس في القسمة أن تكون أصلاً، فلا يجوز أن تكون زائدة لأنها لو كانت كذلك لكانت فاعل، ولو كان فاعل لكان مضارعه يفاعل مثل يقاتل ويضارب في مضارع قاتل وضارب، فلما كان مضارع آمن يؤمن دلّ ذلك على أنها غير زائدة. وإذا لم تكن زائدة كانت منقلبة، وإذا كانت منقلبة لم يخلُ انقلابها من أن يكون عن الياء أو الواو أو عن الهمزة، فلا يجوز أن تكون منقلبة عن الواو لأنها في موضع سكون، وإذا كانت في موضع سكون وجب تصحيحها ولم يجز انقلابها. ويمثل هذه الدلالة لا يجوز أن تكون منقلبة عن الياء. فإذا لم يجز انقلابها عن الواو ولا عن الياء ثبت أنها منقلبة عن الهمزة. وإنما انقلبت عنها ألفاً لوقوعها ساكنة بعد حرف مفتوح.