وخلاصة الأمر أن الحريري صاحب درة الغواص أنكر المشورة بإسكان الشين وفتح الواو والراء، فجاء رد الخفاجي فأثبت المشورة بفتح الواو والمشورة بإسكانها، والمثوبة بفتح الواو والمثوبة بإسكانها. وقد اعتد ابن بري أن الأصل فيهما هو مفعلة بضم العين أي مثوبة ومشورة بإسكان الثاء والشين وضم الواو، فاستثقل الضم على الواو ونقل إلى ما قبل وأسكنت الواو. فضم الثاء والشين هو القياس، وإسكانهما هو الشذوذ. على أن المثوبة المضمومة الثاء ووزنها مفعلة بضم العين، خرّجت على زنة أخرى هي مفعولة وقيل إنها بهذا التخريج مصدر وقد أنكره سيبويه كما رأيت. وأكثر الأئمة أنها اسم على مفعلة بضم العين، أما مثوبة بإسكان الثاء وفتح الواو، وقد جاءت على التصحيح ولم تعل، فإنها اسم لا محالة.
المفعلة بين الإعلال والتصحيح
تبين مما تقدم جميعاً أن الأصل في مفعلة المعتلة العين هو الإعلال، كمشورة ومثوبة بضم الشين والثاء فيهما، على مفعلة بضم العين، أو مثابة ومشارة بفتحهما، على مفعلة بفتح العين. وقد أعلّ الأول بنقل حركة الواو إلى ما قبلها، وأعلّ الثاني بنقل حركة الواو ثم قلبها ألفاً لتجانس الفتح قبلها.
أما ما أتوا به من مفعلة بفتح العين على غير الإعلال كمشورة ومثوبة بإسكان الشين والثاء فيهما فقد خرجوا به عن بابه، ونبهوا بذلك على أصله. وهذا الذي أبقوه على التصحيح تنبيهاً على أصله هو ما لم يتصل بالفعل كالمشورة والمثوبة بإسكان الشين والثاء وكالمطيبة والمبولة والمقودة بإسكان الطاء والباء والقاف، وهي من مفعلة السبب، وكالمثورة بإسكان الثاء من الثور، وهي من مفعلة الأعيان، كالمفيأة من مفعلة الاسم. أما ما جرى من مفعلة على الفعل كالمصادر وأسماء المكان والزمان فلا بد فيها من الإعلال.
العدول بمفعلة عن الإعلال إلى التصحيح