هذا ولا شك أن الأليق والأجدر بمفعلة الأعيان هذه إذا اعتلت بها العين أن تصحح لتدل على أصل مبناها فتقول (ملوزة ومجوزة ومتينة) بإسكان اللام والجيم والتاء، للمكان الذي يكثر فيها اللوز والجوز والتين، كما قالوا (مثورة) للمكان الذي يكثر فيه الثور، وهو أنفى للبس وأدل على الأصل. فلو قيل (أرض مفالة) بالإعلال أشكل المقصود منه. فإذا قلت أرض مفولة بإسكان الفاء أو أرض مفيلة بإسكان الفاء أيضاً، على التصحيح علمت أن الأول من الفول، والثاني من الفيل، دون لبس.
مفعلة السبب والتصحيح
وقد جاء من مفعلة السبب (مقودة ومبولة ومنومة ومطيبة) بإسكان القاف والباء والنون والطاء وفتح ما بعدها، فكانت على التصحيح. وعلة ذلك أنها لم تبن على الأفعال، فقد قصد بها ما يبعث على (القود والبول والنوم والطيب) فهي مشتقة من هذه، لا من الفعل. ولكن هل جاء من مفعلة السبب ما أعلت عينه؟
أقول جاء مقودة في قولهم (الفكاهة مقودة إلى الأذى) فكانت على التصحيح لأنها مفعلة السبب، فإذا أعلت أصبحت (مقادة) . وجاء (منومة) في قولهم (كثرة الأكل منومة) فكانت على التصحيح لأنها مفعلة السبب. فإذا أعلت أصبحت (منامة) . والمنامة في الأصل اسم مكان لحقت به التاء، ثم استعير لثوب النوم. قال الجوهري في الصحاح (المنامة ثوب ينام فيه، وهو القطيفة. وربما سموا الدكان منامة) . وفي حديث علي عليه السلام: (دخل رسول الله (وأنا على المنامة) قال صاحب النهاية (هي هاهنا الدكان التي ينام عليها. وفي غير هذا القطيفة، والميم الأولى زائدة) . فالمنامة إذن للموضع الذي ينام فيه أو عليه، أو جعلت للثوب الذي يُنام فيه وقياس اسم المكان أن يعل إعلال الفعل لأنه مبني عليه. فالمتيهة للمكان الذي يتاه فيه، والمحارة للمكان الذي يحار فيه، والمخاضة للذي يخاض فيه، وقد جاءت على الإعلال جميعاً، خلافاً لمفعلة السبب. ومن ثم كان الأصل في هذه التصحيح دون الإعلال.
مفعلة الاسم والتصحيح