ذلك أن العلماء قد اشترطوا للإعلال في أمثاله، موازنة الفعل. واعتدوا (مفعلاً) بالفتح من هذا القبيل، لأنه على وزن (يفعَل) . وكذلك (مُفعل) بضم الميم فهو على وزن (يُفعل) . ولهذا قالوا المقام والمقام بفتح الميم وضمها، بالإعلال. وأصلها المقوم بفتح الميم والواو، والمقوم بضم الميم وفتح الواو. وقد أعلاَّ بنقل حركة المعتل إلى الساكن الصحيح قبله، وقلبه حرفاً يجانس هذه الحركة. ونظير ذلك (المقامة والمقامة) بفتح الميم الأولى وضمها.
وأما المفعل بفتح الميم وكسر العين، فقد أعلَّ كما أعلّ (يفعل) بكسر العين، كقولك المسير والمعيشة، وكذلك المفعل بضم العين كيفعل بضمها، وهكذا.
على أنهم لم يروا مفعلاً بكسر الميم وفتح العين موازناً للفعل، لأن أصله مفعال، وهذا غير موازن للفعل. لذلك قالوا مخيطِ بكسر الميم وفتح الياء ومخياط بكسر الميم، بالتصحيح فيهما. وكذلك لو لحقت بهما التاء. وانظر إلى ما قاله سيبويه في الكتاب (2/364) : (وتجري مفعل بفتح الميم والعين مجرى بفعل فيهما، فتعتل كما اعتل فعلهما الذي هو على مثالها.. كما قالوا مخافة فأجروها مجرى يخاف ويهاب.. وذلك قولهم مقام ومقال ومثابة ومنارة.. وكذلك مفعل بفتح الميم وكسر العين، يجري مجرى يفعل بكسر العين. وذلك قولك المبيض والمسير. وكذلك قولك مفعلة بفتح الميم وضم العين، وذلك المعونة والمشورة والمثوبة. يدلك على أنها ليست بمفعولة أن المصدر لا يكون مفعولة وأما مفعُلة بفتح الميم وضم العين من بنات الياء فإنما يجيء على مثال مفعلة بكسر العين.. فمعيشة يصلح أن تكون مفعُلة بضم العين ومفعلة بكسرها. وأما مُفعَل منهما بضم الميم وفتح العين فهو على يُفعل بضم الياء وفتح العين، وذلك قولهم مقام ومباع بضم الميم فيهما..) .