يلحق بمفعلة الاسم مفعلة السبب، وهي المفعلة الدالة على إفادة السبب أو الباعث على الأمر أو الداعي إليه. وقد جاء في الحديث: [الولد مجبنة مبخلة) . قال صاحب النهاية: (وهو مفعلة من البخل ومظنة له، أي يحمل أبويه على البخل ويدعوهما إليه فيبخلان بالمال لأجله) . وجاء في كتاب النوادر لأبي مسحل الأعرابي (364) : (من أقوال العرب: الولد مجبنة مبخلة ومحزنة) . وفي المخصص لابن سيده (16/174) : (أبو عبيد في الحديث: الولد مجبنة مجهلة مبخلة) . فما الحكم في مجبنة ومبخلة ومجهلة ومحزنة؟ أتعتد مصادر قد أتت على مفعلة؟ أقول الحق أنها مفعلة السبب، وليست مفعلة المصادر. ذلك أنك لو أنزلت المصادر منزلتها في الحديث فقلت: الولد جبن وبخل وحزن، أفكان هذا يغني مغناه ويؤدي مؤداه، وأنت تقصد به ما بيناه من أن الولد يحمل على الجبن والبخل والحزن، ويدعو إليها ويبعث عليها، وليس هو الحزن والبخل والجبن؟ فالمبخلة من (البخل) لا من (بخل) . فانظر إلى ما جاء في خزانة الأدب للبغدادي (1/336) : (ومخبثة بفتح الميم من الخبث. يقال خبث الشيء خبثاً من باب قرب، خلاف طاب. والاسم الخباثة. ومفعلة صيغة سبب الفعل، والحامل عليه، والداعي إليه، كقوله (: [الولد مجبنة مبخلة] ، أي سبب يجعل والده جباناً، لم يشهد الحروب، ليربيه. ويجعله بخيلاً يجمع المال ويتركه لولده من بعده. ومثله كثير في العربية. ولم يتكلم التصريف على هذه الصيغة. قال الخطيب التبريزي في شرح المعلقة: يقال طعام مطيبَة للنفس، ومخبَثَة لها، وشراب مبوَلَة) .
جدوى التفريق بين مفعلة الفعل ومفعلة الاسم
رب معترض يقول: وما جدوى القول أن هذه مفعلة الفعل لأنها اتصلت به وبنيت عليه، وإن هذه مفعلة الاسم لأنها جاءت على خلاف ذلك. أقول إن القسمة تفيد في إيضاح دلالة المفعلة من جهة، كما تفيد في الحكم بوجوب إعلال ما جاء منها معتل العين أو جواز تصحيحه.