اسم الکتاب : الممتع الكبير في التصريف المؤلف : ابن عصفور الجزء : 1 صفحة : 458
روى أبو بكر[1] بنُ مجاهدٍ عن أبي عمرو أنه كان يُدغِم الراء[2] في اللام، متحرِّكةً كانت الراء أو ساكنة، نحو: "فاغفِر لَّنا"[3] و"استَغفِر لَّهُم"[4] و"يَغْفِر لَّكُم". فإن سَكَنَ ما قبل الراء أدغمها في اللام في موضع الرفع والخفض نحو: "حِينٌ مِنَ الدَّهْر لَّم يَكُنْ"[5]. ولا يُدغِم إذا كانت الراء مفتوحة كقوله: {مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ} [6] و {الذِّكْرَ لِتُبَيِّن} [7] وأمثال ذلك.
وفصلُه بين الراء المفتوحة وغيرها إذا سكن ما قبلها دليل على أنَّ ذلك ليس بإدغام، وإنَّما هو رَومٌ لا إِدغام، والرَّوم لا يُتصوَّرُ في المفتوح[8] وهذا مخالف لما ذكره سيبويه[9] من أنَّ الراء لا تُدغَم في مقاربها لما فيها من التكرار. وهو القياس. ولم يحفظ سيبويه الإدغام في ذلك.
وروى أبو بكر بن مجاهد عن أحمد بن يحيى عن أصحابه عن الفرَّاء أنه قال: كان أبو عمرو يروي عن العرب إدغام الراء في اللام. وقد أجازه الكسائيُّ أيضًا، وله وُجَيه من القياس. وهو أنَّ الراء إذا أُدغمَت في اللام صارت لامًا, ولفظُ اللام أسهل من الراء لعدم التكرار[10] فيها، وإذا لم تُدغَم الراءُ كان في ذلك ثقل؛ لأنَّ الراء فيها تكرار فكأنها راءانِ، واللامُ قريبة من الراء، فتصير كأنك قد أتيت بثلاثة أحرف من جنس واحد.
ومن ذلك قراءة أبي عمرو: "الشَّمْس[11] سَّراجًا"[12] بإدغام السين في السين، و"لِبَعْض شَّأنِهِم"[13] بإدغام الضاد في الشين، و"نَحْن لَّهُ مُسلِمُونَ"[14] بإدغام النون في اللام، و"مِن [1] ف: "روي عن أبي بكر". وفي حاشيتها: روى أبو بكر. [2] في حاشية ف بخط أبي حيان أنَّ إدغام الراء في اللام إظهارها مثل ما ذكره ابن عصفور، إِلَّا ما روي عنه من إظهار الراء الساكنة، وأنَّ الخليل وسيبويه لا يجيزان إدغام الراء ف اللام، وأجازه الكسائي والرؤاسي والفراء حكاية عن العرب، وكذلك أبو عمرو وتابعه يعقوب الحضرمي. [3] الآيتان 147 من سورة آل عمران و10 من سورة الحشر. [4] الآية 80 من سورة التوبة. [5] الآية 1 من سورة الإنسان. [6] الآية 21 من سورة يوسف. [7] الآية 44 من سورة النمل. ف: ليبين. [8] في حاشية ف بخط أبي حيان أن ابن مالك علق على هذا بما يلي: "غير صحيح. الروم يكون في المفتوح, وإنَّما يمتنع منه الإشمام. وصوابه: لا يكون فيه إخفاء واختلاس؛ لأنَّ الفتحة خفيفة. فإن كان أراد هذا فلم يعبر بالمألوف". [9] الكتاب 2: 412. [10] في حاشية ف بخط أبي حيان أن ابن مالك علق عليه بما يلي: "عدم التكرار هو الذي أوجب ترك الإدغام؛ لأنَّ الأصل أنَّ كل حرف فيه زيادة يؤدِّي الإدغام إلى إذهابها فإدغامه ممتنع". وانظر ص444. [11] في النسختين: والشمس. [12] الآية 16 من سورة نوح. [13] الآية 62 من سورة النور. [14] الآيات: 133 و136 من سورة البقرة و84 من سورة آل عمران و64 من سورة العنكبوت.
اسم الکتاب : الممتع الكبير في التصريف المؤلف : ابن عصفور الجزء : 1 صفحة : 458