اسم الکتاب : الممتع الكبير في التصريف المؤلف : ابن عصفور الجزء : 1 صفحة : 405
حرفين صحيحين، فإن كانا حرفَي علَّة فقد تَقَدَّمَ حكمهما في باب القلب. وإن كانا حرفين صحيحين فلا يخلو من أن يجتمعا في اسم أو في فعل.
فإن اجتمعا في فعل[1] فالإدغام ليس إلَّا. فإن كان الأوَّل من المِثلين ساكنًا أَدغمتَه في الثاني من غير تغيير، نحو: ضَرَّبَ وقَطَّعَ. وإن كان الأوَّل منهما متحرِّكًا فإمَّا[2] أن يكون أوَّلًا في الكلمة أو غير أوَّل.
فإن كان غير أوَّل سكَّنته بحذف الحركة منه -إن كان ما قبله متحرِّكًا أو ساكنًا[3] هو حرف مدٍّ ولين- أو بنقلها إلى ما قبله، إن كان ساكنًا غير حرف مدٍّ ولين[4]. وحينئذ تدغم، نحو: رَدَّ واحمَرَّ واستَقَرَّ واحمارَّ. الأوَّل من المثلين في الأصل متحرِّك؛ ألا ترى أنك إذا رددت الفعل إلى نفسك تقول: رَدَدْتُ وشَمِمْتُ ولَبُبْتُ[5] واستَقرَرْتُ واحمرَرْتُ واحمارَرْتُ[6]، فتُحرِّك لمّا زال الإدغام؟ وإنَّما سكَّنته؛ لأنَّ النيَّة بالحركة أن تكونَ بعد الحرف، فتجيءَ فاصلة بين المِثلين، ولا يمكن الإدغام في المِثلين مع الفصل.
هذا ما لم تكن الكلمة مُلحَقة، ويكونَ الإدغام مُغيّرًا لها، ومانعًا من أن تكون على مثل ما أُلحقت به. فإنك حينئذ لا تُدغم، نحو: جَلبَبَ واسحَنكَكَ[7]؛ لأنهما ملحقان بـ"قَرْطَسَ" و"احرَنْجَمَ"[8].
فلو أدغمتَ، فقلت: "جَلَبَّ" و"اسحَنَكَّ"، لكنت قد حرَّكت ما في مقابلته من بناء الملحق به ساكنٌ، وسكَّنتَ ما في مقابلته متحرِّكٌ؛ ألا ترى أنك كنت تُحرِّك العين من "جَلْبَبَ" وهي في مقابلة الراء من "قَرْطَسَ"، وتسكّن الباء[9] الأُولى وهي في مقابلة طاء "قَرْطَسَ"، وتُحرّك النون من "اسحَنْكَكَ" وهي في مقابلة نون "احرَنْجَمَ"، وتُسكّن الكاف الأُولى منها وهي في مقابلة الجيم من "احرَنْجَمَ"؟ [1] سقط من م. وفي حاشية ف بخط أبي حيان عن ابن مالك شذوذ الفك في: لَحِحَ وصَكِكَ وقَطِطَ وألِلَ وضَبِبَ. وزاد في الارتشاف 1: 163: مَشِشَ. قلت: وسمع الفك في دَبَبَ وذَبِبَ وعَزُزَ ولَخِخَ وألبَبَ. وما لم يرد فيه الإدغام من هذه الأفعال وجب الفك في مصدره وسائر مشتقاته من الأسماء والأفعال؛ لأنَّ المضعَّف في حكم المعتلِّ في الشذوذ. الكتاب 1: 10 والخصائص 1: 380. وقد وردت بعض مشتقات من ذلك. اللسان "لحح" ومتن اللغة "مشش".... [2] سقط من م حتى قوله "غير أول". [3] م: متحرك أو ساكن. [4] سقط من م. [5] سقط "وشممت ولببت" من النسختين، وألحقه أبو حيان بحاشية ف، ولم يلحق ما يلزم قبل. [6] سقط من م. [7] اسحنكك الليل: اشتدت ظلمته. [8] احرنجم القوم: اجتمعوا. [9] م: الياء.
اسم الکتاب : الممتع الكبير في التصريف المؤلف : ابن عصفور الجزء : 1 صفحة : 405