اسم الکتاب : الممتع الكبير في التصريف المؤلف : ابن عصفور الجزء : 1 صفحة : 169
مَهْدَد. فالجواب أنه لمّا كان جعل الميم فيها أَصليَّة يؤدِّي إِلى الحمل على القليل، وجعلُها زائدة يؤدِّي أيضًا إِلى ذلك، كانت الأولى الزيادة هنا[1]؛ لأنَّ الميم إِذا كانت زائدة كانت الكلمة من تركيب "ح ب ب" وهو موجود، وإِذا كانت الميم أصليَّة كانت الكلمة من تركيب "م ح ب" وهو غير موجود. فكان الحمل على الموجود أَولى.
والذي يدلُّ، على أنَّ الميم[2] في مَنجَنِيق أصليَّة، أنه قد استقرَّ زيادة النون الأُولى، بدليل قولهم: مَجانِيق، بحذفها. ولو كانت أصليَّة لقلتَ "مَناجِيق". فإِذا ثَبَتَ زيادة النون ثَبَتَتْ بذلك أصالة الميم، إذ لو كانت زائدة. والنون بعدها زائدة، لأدَّى ذلك إلى اجتماع زيادتين في أوَّل كلمة. وذلك لا يوجد إِلَّا في الأفعال نحو "استَفْعَل"[3]، أَو في الأسماء الجارية عليها، نحو انطَلَق ومُنْطَلَق. و"منجنيق" ليس باسم جار على الفعل[4].
فإِذا ثَبَتَتْ أصالة الميم وزيادة النون الأُولى[5] وجب أن يُقضى على النون الثانية بالأصالة؛ لأنك لو جعلتها زائدة لكان وزن الكلمة "فَنْعَنِيلًا". وذلك بناء غير موجود. وإذا جعلتها أَصليَّة كان وزن الكلمة "فَنْعَلِيلًا" نحو: عَنتَرِيس[6]. وأيضًا فإِنها ليست في موضع لَزِمَتْ فيه زيادتها، ولا كثُرت، فتُجعلَ زائدة.
فإِن قيل: فهلَّا استدللتُم على زيادة الميم، بما حكاه أبو عثمان عن التَّوَّزيِّ[7]، عن أبي عُبيدة، من أنه سأل أعرابيًّا عن حروب، كانت بينهم، فقال: "كانَتْ بينَنا[8] حروبٌ عُونٌ، تُفقأ فيها العُيونُ، مرَّة نُجنَقُ[9]، ومرَّة نُرشَقُ". فقوله "نُجنق" دليل على أنَّ الميم زائدة، إِذ لو كانت أصليَّة لوجب أن يقول "نُمَجْنَقُ". وحكى الفرَّاء[10]: "جَنَقُوهم بالمَجانِيق". فالجواب:
أنَّ الكلمة أعجميَّة، والعرب قد تُخلّط في اشتقاقها من الأعجميِّ[11]؛ لأنها ليست من [1] سقط من م. [2] الكتاب 2: 344 والمنصف 1: 146-149 وشرح الشافية 2: 350-353. [3] كذا. الصواب "انفعل" وقد مثَّل له بعد انطلق. [4] م: على فعل. [5] وهذا مذهب سيبويه كما جاء في الكتاب 2: 337. وقال السيوطي: "قال سيبويه: هو من الخماسي": المزهر 2: 33. [6] العنتريس: الناقة الشديدة. [7] المنصف 1: 147 وشرح الشافية 2: 350. والتوزي هو أبو محمد عبد الله بن محمد، عالم باللغة والشعر وراوٍ للأخبار. توفي سنة 237. نزهة الألباء ص172. [8] سقط من م. [9] في النسختين: "تجنق". المنصف: مرة ثم نجنق. [10] وفي المزهر1: 135 أن أبا زيد انفرد بهذا القول. [11] م: الأعجمية.
اسم الکتاب : الممتع الكبير في التصريف المؤلف : ابن عصفور الجزء : 1 صفحة : 169