القصيدة رأى النبي في المنام، فأنشدها بين يديه، فكان يتمايل طربا كتمايل الأغصان، فلما انتهى إلى قوله:
«فمبلغ العلم فيه أنه بشر..» .
لم يقدر على تكميل البيت، فقال له عليه الصلاة والسلام: اقرأ، فقال إني لم أوفق للمصراع الثاني يا رسول الله فقال له الرسول قل: «وإنه خير خلق الله كلهم» .
فأدرج البوصيري هذا المصراع الذي قاله النبي في البيت المتقدم، وجعله صلاة مكررة بعد كل بيت حرصا على لفظ النبي عليه السلام.
وهذه المنامات تعليلها سهل، فحب البوصيري للرسول خلق منه قيثارة نبوية وإيمان الصوفية بعظمة البوصيري بالإضافة إلى قصيدته، وجّه أحلامهم إلى تصور الرسول في المنام بفضل الإكثار من تلاوة البردة مصحوبة بتلك الصلاة.
والبردة لا تمكن كل إنسان من الكرامات، وإنما تنفعل النفس بما تؤمن به في صدق وإخلاص، فتمثل الغرائب والأعاجيب.
وكذلك كانت البردة عند بعض الناس مفتاحا للمثول بين يدي الرسول، ورؤيا النبي حق: عند الصوفية، وعند الفقهاء.