اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 370
وهذا باب مطرد متقاود. وقد كنت ذكرت طرفًا منه في كتابي "شرح تصريف أبي عثمان "؛ غير أن الطريق ما ذكرت لك. فكل ما قيس على كلامهم فهو من كلامهم. ولهذا قال من قال في العجاج ورؤبة: إنهما قاسا اللغة وتصرفا فيها وأقدما على ما لم يأت به من قبلهما. وقد كان الفرزدق يلغز بالأبيات، ويأمر بإلقائها على ابن أبي إسحاق [1].
وحكى الكسائي[2] أنه سأل بعض العرب عن أحد مطايب الجزور, فقال: مطيب[3]؛ وضحك الأعرابي من نفسه كيف تكلف لهم ذلك من كلامه. فهذا ضرب من القياس ركبه الأعرابي، حتى دعاه إلى الضحك من نفسه، في تعاطيه إياه.
وذكر أبو بكر أن منفعة الاشتقاق لصاحبه أن يسمع الرجل اللفظة فيشك فيها, فإذا رأى الاشتقاق قابلًا لها أنس بها وزال استيحاشه منها. فهل هذا إلا اعتماد في تثبيت اللغة على القياس. ومع هذا أنك لو سمعت ظرف؛ ولم تسمع يظرف؛ هل كنت تتوقف عن[4] أن تقول يظرف راكبًا له غير مستحيٍ منه. وكذلك لو سمعت سلم ولم تسمع مضارعه أكنت ترع[5] أو ترتدع أن تقول يسلم, قياسًا أقوى من كثير من سماع غيره. ونظائر ذلك فاشية[6] كثيرة. [1] هو عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي، من أوائل من وضع النحو. مات سنة 117هـ. وانظر طبقات القراء 100. [2] في اللسان في "طيب" نسبة هذه القصة للسيرافي. [3] هذا الضبط عن أ. وضبط في اللسان والقاموس: "مطيب" بسكون الطاء وفتح الياء. وفي ش، ب بعد "مطيب": "واحد" وسقط هذا اللفظ في أ. ومطايب الجزور: خيار لحمه وأطيبه. [4] كذا في أ. وفي ش، ب: "على". [5] أي تكف، وهو من باب ورث. [6] ثبت في أ. وسقط في ش، ب.
اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 370