اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 336
باب في الاعتراض:
اعلم أن هذا القبيل من هذا العلم كثير قد جاء في القرآن وفصيح الشعر ومنثور الكلام. وهو جار عند العرب مجرى التأكيد، فلذلك لا يشنع[1] عليهم ولا يستنكر عندهم أن يعترض به بين الفعل وفاعله والمبتدأ وخبره وغير ذلك مما لا يجوز الفصل "فيه"[2] بغيره[3]، إلا شاذًّا أو متأولا. قال الله سبحانه وتعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ، وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ، إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ} [4], فهذا فيه اعتراضان: أحدهما قوله: {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} لأنه اعترض به بين القسم الذي هو قوله: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} وبين جوابه الذي هو قوله: {إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ} وفي نفس هذا الاعتراض اعتراض آخر بين الموصوف الذي هو "قسم " وبين صفته التي هي "عظيم " وهو قوله: {لَوْ تَعْلَمُونَ} . فذانك[5] اعتراضان كما ترى. ولو جاء[6] الكلام غير معترض فيه لوجب أن يكون: فلا أقسم بمواقع النجوم إنه لقرآن كريم وإنه لقسم عظيم لو تعلمون[7].
ومن ذلك "قول[8] امرئ القيس ":
ألا هل أتاها والحوادث جمةٌ ... بأن امرأ القيس بن تملك بيقرا9 [1] كذا في ش. وفي ب: "ينشع"، وفي أ: "يتبشع". [2] ثبت هذا في ش، ب. وسقط في أ. [3] أي بغير الاعتراض. [4] الآيات 75-77 من سورة الواقعة. [5] كذا في أ، ب، د، هـ. وفي ش: "فذان" وكأنها مصلحة عن: "فذانك". [6] كذا في أ. وفي ش، ب: "جاز". [7] ثبت هذا في أ، ب. وسقط في ش. [8] كذا في ش، ب. وفي أ: "قوله".
9 "تملك": هي أمه؛ والمشهور في اسمها فاطمة. وانظر شرح الوزير أبي بكر بن عاصم ص2. و"بيقر": وترك البادية ونزل العراق، أو نزل الضر أو أعبا. وانظر معاني ابن قتيبة 875. انظر أيضا الخزانة 4/ 162.
اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 336