اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 219
ولما قضينا من منى كل حاجة ... ومسح بالأركان من هو ماسح
أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا ... وسالت بأعناق المطي الأباطح
فقد ترى إلى علو هذا اللفظ ومائه, وصقاله وتلامح[1] أنحائه, ومعناه مع هذا ما تحسه وتراه: إنما هو: لما فرغنا من الحج ركبنا الطريق راجعين, وتحدثنا على ظهور الإبل. ولهذا نظائر كثيرة شريفة الألفاظ رفيعتها مشروفة المعاني خفيضتها.
قيل: هذا الموضع قد سبق إلى التعلق به من لم ينعم النظر فيه, ولا رأى ما أراه[2] القوم منه, وإنما ذلك لجفاء طبع الناظر, وخفاء غرض الناطق. وذلك أن في قوله " كل حاجة" "ما"[3] يفيد منه أهل النسيب والرقة، وذوو[4] الأهواء والمقة ما لا يفيده غيرهم, ولا يشاركهم فيه من ليس منهم ألا ترى أن من حوائج "منى" أشياء كثيرة غير ما الظاهر عليه والمعتاد فيه سواها[5]؛ لأن منها التلاقي، ومنها التشاكي[6]، ومنها التخلي[8]، إلى غير ذلك مما هو تال له ومعقود الكون به. وكأنه صانع عن هذا الموضع الذي أومأ إليه وعقد غرضه عليه بقوله في آخر البيت:
ومسح بالأركان من هو ماسح [1] أي ظهورها ولمعانها. [2] كذا في أ. وفي ش، ب، "رآه". [3] ثبت هذا اللفظ في أ، وسقط في ش، ب. وفي ج: "أن قوله كل حاجة يفيد". وهي عبارة مستقيمة بخلاف ما في ب، ش. [4] كذا في أ، ب، ش. وفي ج: "ذر". [5] في الأصول: "سواء" ولا يستقيم عليه المعنى، وجملة "والمعتاد فيه سواها" عطف على "غير ما الظاهر عليه" فهو من وصف "أشياء". والضمير في "فيه" يعود إلى "الظاهر". [6] كذا في أ، ج، وفي ب، ش: "التشكي".
7 كذا في أ، ب، ش. وفي ج: "التحلي" وكأن التخلي طلب الحلوة بالحبيب. [8] كذا في أ. وفي ش، ب، ج: "لقوله".
اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 219