اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 208
وحدثني أبو علي؛ قال: قلت لأبي عبد الله البصري: أنا أعجب من هذا الخاطر في حضوره تارة ومغيبه أخرى. وهذا يدل على أنه من عند الله. فقال: نعم هو من عند الله إلا أنه لا بد من تقديم النظر ألا ترى أن حامدًا البقال لا يخطر له.
ومن طريف[1] حديث هذا الخاطر أنني كنت منذ زمان طويل رأيت رأيًا جمعت فيه بين معنى آية ومعنى قول الشاعر 2:
وكنت أمشي على رجلين معتدلا ... فصرت أمشي على أخرى من الشجر
ولم أثبت حينئذ شرح حال الجمع بينهما ثقة بحضوره متى استحضرته ثم إني الآن -وقد مضى له سنون- أعان[3] الخاطر وأستثمده[4]، وأفانيه[5] وأتودده على أن يسمح لي بما كان أرانيه من الجمع بين معنى الآية والبيت وهو معتاص متأب وضنين به غير معط.
وكنت وأنا أنسخ التذكرة لأبي علي إذا مر بي شيء قد كنت رأيت طرفًا منه أو ألممت به فيما قبل أقول له: قد كنت شارفت هذا الموضع وتلوح لي بعضه ولم أنته إلى آخره وأراك أنت قد جئت به واستوفيته وتمكنت فيه فيبتسم -رحمه الله- له ويتطلق[6] إليه؛ سرورًا باستماعه، ومعرفة بقدر نعمة الله عنده فيه، وفي أمثاله. [1] كذا في أ، ب. وفي ش: "ظريف".
2 نسبه البغدادي في شرح شواهد الشافية 360 إلى أبي حية، ونسبه في الأمالي 2/ 163 في أربعة أبيات إلى عبد من عبيد بجيلة أسود، وانظر السمط 785. ويريد بـ"أخرى من الشجر" العصا يعتمد عليها حين أدركه الهرم. [3] أي أعارض. [4] أي أتخذه ثمدا -وهو الماء القليل- أرده وأرتوي منه. [5] أي أصانعه وأداريه. [6] كذا في أ، وفي غيرها: "ينطلق".
اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 208