اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 207
ألزمت عند أبي علي -رحمه الله- قولا لأبي الحسن شيئًا لا بد للنظر من إلزامه إياه يقول لي: مذاهب أبي الحسن كثيرة ".
ومن الشائع في الرجوع عنه من المذاهب ما كان أبو العباس تتبع[1] به كلام سيبويه وسماه مسائل الغلط. فحدثني أبو علي عن أبي بكر[2] أن أبا العباس كان يعتذر منه ويقول [3]: هذا شيء كنا رأيناه في أيام الحداثة, فأما الآن فلا. وحدثنا أبو علي قال: كان أبو يوسف[4] إذا أفتى بشيء[5] أو أمل[6] شيئًا فقيل له: قد قلت في موضع كذا غير هذا يقول: هذا يعرفه من يعرفه أي إذا أنعم النظر في القولين وجدا مذهبًا واحدًا.
وكان أبو علي -رحمه الله- يقول في هيهات: أنا أفتي مرة بكونها اسمًا سمي به الفعل كصه ومه وأفتي مرة أخرى بكونها ظرفًا[7]، على قدر ما يحضرني في الحال. وقال مرة أخرى: إنها وإن كانت ظرفًا فغير ممتنع أن تكون[8] مع ذلك اسمًا سمي به الفعل كعندك ودونك. وكان إذا سمع شيئًا من كلام أبي الحسن يخالف قوله يقول: عكر[9] الشيخ. وهذا ونحوه من خلاج الخاطر وتعادي المناظر هو الذي دعا أقوامًا إلى أن قالوا بتكافؤ الأدلة[10]، واحتملوا أثقال الصغار والذلة. [1] كذا في أ، وفي ش، ب: "يتبع". [2] هو ابن السراج، وأبو العباس هو المبرد. [3] كذا في أ. وفي ش، ب: "يقول فيه". [4] يريد صاحب أبي حنيفة يعقوب بن إبراهيم. مات سنة 183 في خلافة هارون الرشيد. [5] كذا في أ. وفي سائر الأصول: "شيئا". [6] كذا في أوهذا ونحوه، ب. وفي ش: "أملى" وهما لغتان. [7] فإذا قلت: هيهات ما تقول فالمعنى: في البعد ما تقول، كما تقول: الحق أنك عالم أي في الحق وهذا الرأي سبق به المبرد في المقتضب في باب الاسم الذي تلحقه صوتا أعجميًا، يقول فيه: "فأما هيهات فتأويلها: في البعد، وهي ظرف غير متمكن، لإبهامها، ولأنها بمنزلة الأصوات". [8] كذا في ج وفي عبارة اللسان "هيه". وفي سائر الأصول: "يكون". [9] أي أخرج كلامه عن الوضوح والصفا، من قولهم: عكر الشراب: جعل فيه ما يكدره ويجعله عكرا. [10] تكافؤ الأدلة: تساويها. فلا ينصر مذهب على مذهب، ودلائل كل مقالة عند القائلين به مكافئة لدلائل سائر المقالات، وانظر الملل والنحل لابن حزم 4/ 119.
اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 207