اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات الجزء : 1 صفحة : 88
وقال الآخر:
[60]
ثُمَّتَ قُمْنَا إلى جُردٍ مُسَوَّمَةٍ ... أَعْرَافُهُنَّ لِأَيْدِينَا مَنَادِيلُ
فلحاقها بالحرف يبطل ما ادّعَيْتُمُوهُ من اختصاص الفعل بها، وإذا بطل الاختصاص جاز أن تكون نعم وبئس اسمين لحقتهما هذه التاء كما لحقت رُبَّتَ وثُمَّتَ. هذا على أن نعم وبئس لا تلزمهما التاء بوقوع المؤنث بعدهما كما تلزم الأفعال، ألا ترى أن قولك "قام المرأة، وقعد الجارية" لا يجوز في سَعة الكلام،
= التأنيث اللاحقة لهذه الأفعال ساكنة، بخلاف تاء التأنيث في ثمت وفي ربت وفي لات، فإنها متحركة مفتوحة، فلما اختلفت التاء في هذه الكلمات عن التاء اللاحقة للأفعال دلّ على أنها ليست هي التاء التي نجعلها خاصة من خصائص الأفعال، بدليل أننا نقول: إن تاء التأنيث المختصة بالأفعال هي تاء التأنيث الساكنة، والوجه الثاني: أن تاء التأنيث اللاحقة للأفعال والتي هي خاصة من خصائص الفعل الماضي إنما تلحق الفعل لتدل على أن فاعله مؤنث؛ فأنت تقول: قامت هند، وقعدت فاطمة، وأقامت سلمى، وسافرت سعدى، فتأتي بهذه التاء ألبتة مع الفاعل المؤنث للفرق بين الفعل المذكر وفعل المؤنث؛ لأن بعض الأسماء يشترك في التسمية بها المذكر والمؤنث فلا يكفي ذكر هذه الأسماء من غير تأنيث الفعل للدلالة على أن المراد بها مؤنث، أما التاء اللاحقة لرب وثم ولا ليست بهذه المنزلة، بل المراد بها تأنيث اللفظ، فلتكن التاء التي هي من خصائص الأفعال هي التاء الدالة على تأنيث الفاعل الذي يسند الفعل المقترن بها إليه، والوجه الثالث: أنا نقول: إن لحاق هذه التاء لهذه الحروف شاذ عن القياس بالإجماع منا ومنكم، والحكم فيما عدا هذه الكلمات المحفوظة باقٍ على أصله لا ينقضه شيء.
[60] هذا البيت من قصيدة مستجادة لعبدة بن الطبيب، وهو شاعر مخضرم، وقصيدته التي منها بيت الشاهد هي المفضلية رقم 26، والجرد: جمع أجرد أو جرداء، والأجرد من الخيل: القصير الشعر، والمسومة: المعلمة، والأعراف: جمع عرف -بالضم- وهو الشعر الذي في عنق الفرس، والمناديل: جمع منديل، وهو الذي تمسح به يديك من وضر الطعام ونحوه، يقول: إنهم بعد أن طعموا ركبوا الخيل الجرداء المعلمة ومسحوا أيديهم من آثار الطعام بأعرافها، والاستشهاد بالبيت في قوله "ثمت" حيث اتصلت تاء التأنيث بثم، ومن المتفق عليه بين الفريقين أن ثم حرف من حروف العطف، وقد بينا وجه الاستشهاد بذلك في شرح البيت السابق، ونظير بيت عبدة هذا في اقتران ثم بتاء التأنيث قول شمر بن عمرو الحنفي، وهو من شعر الأصمعيات:
ولقد مررت على اللئيم يسبني ... فمضيت ثمت قلت: لا يعنيني
وقول الآخر وأنشده ابن منظور "ب ي ع - ث م م":
ثمت ينباع انبياع الشجاع
وقول عمر بن أبي ربيعة "د 258 بتحقيقنا":
اسأليه ثمت استمعي ... أينا أحق بالظلم؟
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات الجزء : 1 صفحة : 88