اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات الجزء : 1 صفحة : 83
"أَلَا يَسْجُدُوا لِلَّهِ" أراد يا هؤلاء اسجدوا، وكما قال الأخطل:
[51]
ألَا يا اسْلَمِي يا هندُ هندَ بنِي بَدْرِ ... وإنْ كَانَ حيَّانَا عِدًى آخر الدَّهْرِ
وقال الآخر، وهو ذو الرُّمَّة:
[52]
ألا يا اسلمِي يا دار ميَّ على البِلَى ... ولا زال مُنْهَلًّا بِجَرْعَائِكِ القَطْرُ
[51] هذا البيت كما قال المؤلف من كلام الأخطل التغلبي، واسمه غياث من الغوث، وقد أنشده ابن منظور "ع د ى" ونسبه إليه، وقوله "عدى" أراد به متباعدين لا أرحام بينهم ولا حلف، وقد روي في بيت الأخطل هذا اللفظ بكسر العين وبضمها، وأنكر الأصمعي الضم إلا أن تقول "عداة" بالتاء في آخره، وقوله "آخر الدهر" منصوب على تقدير نزع الخافض وأصله إلى آخر الدهر، فحذف الحرف وأوصل الاسم الذي يشبه الفعل إلى المجرور فنصبه، والاستشهاد بالبيت في قوله "ألا يا اسلمي" فإن الفريقين الكوفيين والبصريين متفقون على أن "يا" حرف نداء، وعلى أن حرف النداء مما يختص بالدخول على الاسم، وقد د خل في هذا البيت على ما هو فعل أمر بالاتفاق، فوجب أن يكون التقدير دخوله على اسم محذوف، وكأنه قد قال: ألا يا هند، اسلمي، يا هند هند بني بكر، ونظير ذلك مما لم ينشده المؤلف قول الآخر:
ألا يا اسلمي ذات الدماليج والعقد ... وذات الثنايا الغر والفاحم الجعد
وقول الكوفيين "إن هذا خاص بما إذا وقع بعد حرف النداء فعل أمر" غير صحيح فقد دخلت "يا" في اللفظ على أفعال غير فعل الأمر، وعلى الحرف أيضًا، نحو قول الراجز:
يا ليتني وأنت يا لميس ... في بلدة ليس بها أنيس
وقول الآخر:
ياليت زوجك قد غدا ... متقلدًا سيفًا ورمحًا
وقول الآخر:
يا ليت أنا ضمنا سفينه ... حتى يعود الوصل كينونه
وقول الآخر:
يا رب مثلك في النساء غريرة ... بيضاء قد متعتها بطلاق
وقد ورد مثل ذلك في أفصح الكلام، فمن دخول "يا" على فعل الأمر قول الله تعالى: {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ} ومن دخول "يا" على الحرف قوله سبحانه: {يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا} وقوله: {يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ} وقوله: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ} وقوله: {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ} .
[52] هذا البيت من كلام ذي الرمة، واسمه غيلان بن عقبة، وهو من شواهد الأشموني "رقم 11 وابن هشام في المغني "رقم 402" وفي أوضح المسالك "رقم 82" وابن عقيل "رقم 62" والبلى -بكسر الباء مقصورًا- مصدر بلي الثوب ونحوه يبلى بلاء وبلى؛ إذا رث وقدم، ومنهلًا: اسم الفاعل من قولك انهل المطر، أي انسكب وانصب، والجرعاء: رملة مستوية لا تنبت شيئًا، والقطر: المطر، والاستشهاد به في قوله "يا اسلمي" حيث دخل =
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات الجزء : 1 صفحة : 83