responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات    الجزء : 1  صفحة : 82
وحُكي عن بعض فُصَحَاء العرب أنه قال "نِعْمَ السَّيْرُ على بِئْسَ العَيْرُ" وحكى أبو بكر بن الأنباري عن أبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب عن سلمة عن الفراء أن أعرابيًّا بُشِّرَ بمولودة فقيل له: نعم المولودة مولودتك! فقال "والله ما هي بنعم المولودة: نُصْرَتُهَا بكاء، وبِرُّها سرقة" فأَدْخَلُوا عليها حرف الخفض، ودُخُولُ حرف الخفض يدل على أنهما اسمان؛ لأنه من خصائص الأسماء.
ومنهم من تمسّك بأن قال: الدليل على أنهما اسمان أن العرب تقول: "يا نعم المولى ويا نعم النصير" فنداؤهم نعم يدل على الاسمية؛ لأن النداء من خصائص الأسماء، ولو كان فعلا لما تَوَجَّهَ نحوه النداء. قالوا: ولا يجوز أن يقال: إن المقصود بالنداء محذوف للعلم به -والتقدير فيه: يا ألله نعم المولى ونعم النصير أنت- فحذف المنادى لدلالة حرف النداء عليه كما حذف حرف النداء لدلالة المنادى عليه؛ لأنا نقول: الجواب عن هذا أن المنادى إنما يقدر محذوفًا إذا ولي حرفَ النداء فعلُ أمر وما جرى مجراه، كقراءة الكسائي وأبي جعفر المدني ويعقوب الحضرمي وأبي عبد الرحمن السلمي والحسن البصري وحميد الأعرج:

= نحو قوله -صلى الله عليه وسلم: "من توضأ يوم الجمعة؛ فبها ونعمت" وأنت تقول: بئست المرأة حمالة الحطب، وبدليل اقتران ضمائر الرفع المتصلة بهما، تقول: نعما، ونعموا، وضمائر الرفع المتصلة لا تقترن بغير الأفعال، وأما حرف الجر فقد يدخل في اللفظ على الفعل وعلى الحرف أيضًا، ولكنه في التقدير داخل على الاسم، فمثال دخوله على الفعل المتفق على فعليته قول الراجز "انظر الشاهد رقم 64 الآتي":
والله ما ليلي بنام صاحبه ... ولا مخالط الليان جانبه
ومثال دخوله على الحرف قولك "عجبت من أن تلعب" والفريقان متفقان على مجيء مثل ذلك عن العرب، وهما أيضًا متفقان على أن هذا الظاهر غير مرضي، وأن الباء في قول الراجز "بنام صاحبه" لا بدّ أن تكون داخلة في التقدير على اسم محذوف، وتقدير الكلام والله ما ليلي بليل مقول فيه نام صاحبه، فمدخول الباء في البيت جملة تقع مقول قول محذوف، وهذا القول المحذوف صفة لموصوف محذوف أيضًا، وهذا الموصوف المحذوف هو مدخول الباء عند التحقيق، فإذا كان هذا تأويل الفريقين في قول الراجز "بنام صاحبه" فليكن هو تأويل قول حسان "بنعم الجار" أي بجار مقول فيه نعم الجار، وليكن هو تأويل قول الآخر "بنعم طير" إن سلمنا صحة هذه الرواية، أي بطير مقول في نعم طير، ولكن هذه الرواية غير صحيحة، والرواية الصحيحة "بنعم طير" بضم النون وسكون العين وهي رواية الكسائي، وإذا كان دخول حرف الجر في ظاهر اللفظ على كلمة لا يدل دلالة قاطعة على كونها اسمًا، وكذلك غير حرف الجر من الحروف التي قلنا: إنها من خصائص الأسماء كحروف النداء، وقد رأينا الاستعمال العربي الذائع يصل تاء التأنيث وضمائر الرفع الساكنة بكلمتي نعم وبئس من غير ضرورة ولا حاجة إلى تأويل؛ فليكن الصحيح في هذه المسألة هو مذهب البصريين، فاعرف ذلك.
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات    الجزء : 1  صفحة : 82
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست