responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات    الجزء : 1  صفحة : 194
توكيدًا للأول في هذه المواضع كلها، وليس مشتقًّا من الأول ولا فرعًا عليه، فكذلك ههنا.
وأما قولهم "إنا نجد أفعالًا ولا مصادِرَ لها"، قلنا: خُلُوّ تلك الأفعال التي ذكرتموها عن استعمال المصدر لا يخرج بذلك عن كونه أصلًا وأن الفعل فرع عليه؛ لأنه قد يستعمل الفرع وإن لم يستعمل الأصل، ولا يخرج الأصل بذلك عن كونه أصلًا ولا الفرع عن كونه فرعًا، ألا ترى أنهم قالوا: "طَيْرٌ عَبَادِيد" أي متفرقة، فاستعملوا لفظ الجمع الذي هو فرع وإن لم يستعملوا لفظ الواحد الذي هو الأصل، ولم يخرج بذلك الواحد أن يكون أصلًا للجمع، وكذلك أيضًا قالوا: "طيرًا أَبَابِيل" قال الله تعالى: {وَأَرْسَلَ عَلَيهِمْ طَيرًا أَبَابِيلَ} [الفيل: 3]
أي جماعات في تفرقة وهو جمع لا واحد له في قول الأكثرين، زعم بعضهم أن واحده إِبَّوْلٌ، وزعم بعضهم أن واحدهُ إِبِّيلٌ، وكلاهما مخالف لقول الأكثرين، والظاهر أنهم جعلوا واحده إبولا وإبيلا قياسًا وحملًا، لا استعمالًا ونقلًا، والخلاف إنما وقع في استعمالهم لا في قياس كلامهم.
ثم نقول: ما ذكرتموه معارَضٌ بالمصادر التي لم تستعمل أفعالُهَا، نحو: "وَيْلَهُ، وَوَيْحَهُ، وَوَيْهَهُ، وَوَيْبَهُ، وَوَيْسَهُ، وأهلًا وسهلًا، ومرحبًا، وسقيًا، ورعيًا، وأُفَّةً، وتُفَّهً، وتَعْسًا، ونَكْسًا، وبُؤْسًا، وبُعْدًا، وسُحْقًا، وجُوعًا، ونُوْعًا، وجَدْعًا، وعَقْرًا، وخَيْبَةً، ودَفْرًا، وتَبًّا، وبَهْرًا".
قال ابن ميادة
[149]
تَفَاقَدَ قْوَمِي إذ يبيعون مُهْجَتِي ... بِجَارِيَة، بَهْرًا لهم بَعْدَهَا بَهْرًا

[149] هذا البيت من كلام ابن ميادة، واسمه الرياح بن أبرد -كما قال المؤلف- وقد أنشده ابن منظور "ف ق د - ب هـ ر" ونسبه إليه في المرتين، وهو من شواهد سيبويه "1/ 157" وتفاقد قومي: يريد فقد بعضهم بعضًا، وقد اختلف أهل اللغة في تفسر قوله "بهرا" فقال قوم: أراد خيبة لهم، وقيل: أراد تعسا لهم، وقيل: معناه غلبة لهم وقهرًا، أي غلبوا وقهروا، قال الأعلم: "يقول: فقد بعض قومي بعضًا حيث لم يعينوني على جارية شغفت بحبها، وعرضوني لتلف مهجتي حبًّا لها، فغلبوا غلبة، وقهرهم العدو قهرًا، وقوله بعدها: أي بعد هذه الفعلة" ا. هـ. والاستشهاد بالبيت في قوله "بهرا" فقد زعم المؤلف أن هذا مصدر من المصادر التي لم تستعمل أفعالها، وهذا الكلام غير مستقيم؛ لأنه إن أراد أنه لا فعل له مثل بله وويح فلا صحة لهذا الكلام؛ لأن "بهرا" ليس مثل هذين في أنه لا فعل له، بل له فعل وهو قولهم "بهره يبهره" أي غلبه، وإن أراد أنه يستعمل منصوبًا بفعل لا يظهر لأنه محذوف وجوبًا، وهذا هو الصواب، وهو الذي ذكره سيبويه، واسمع إلى عبارة سيبويه "هذا باب ما ينصب من المصادر على إضمار الفعل غير المستعمل إظهاره، وذلك قولك: سقيًا، ورعيًا، وقولك خيبةً، ودفرًا، وجدعًا، وعقرًا، وبؤسًا، وأفةً، وتفهً، =
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات    الجزء : 1  صفحة : 194
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست